وهداية القرآن للعاملين، وقيادته لخطاهم على طول الطريق لن تقف عند تنظيم جهودهم البدنيّة، ولكنها ستنفذ إلى ما هو أدقّ وأعمق .. إنها تتقصّى حركات نفوسهم، وتستمع إلى خفقات قلوبهم، وخلجات صدورهم، متتبّعة أطوار العمل لديهم، وتقلّبات الأحداث عليهم، فتصف لكل شكوى علاجها, ولكل نجوى جوابها!
كل عامل في هذه الحياة هدف لتقلّبات النجاح والإخفاق، والربح والخسارة، والنصر والهزيمة:
{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} (الأنبياء: ٣٥)!
{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (آل عمران: ١٤٠)!
وقد فطر الإنسان ذا مشاعر وأحاسيس تصبّ في نفسه إما برد الرضى والسرور لما يناله من خير، وإما حرقة الحزن والألم لما يصيبه من أذى وحرمان!
أتدري ما مصير هذه المعاني، إذا تركت وشأنها تعمل في النفس عملها؟!
إليك صورة طبيعيّة لنفسيّة المخفق المهزوم، إذا لم تهد قلبه هداية القرآن، ولم تثبّته سكينة الإيمان .. إنه لو نظر في حاضره لم يجد إلا ضجرًا وألماً لما يعانيه من نكد الإخفاق، ولو تلفّت إلى ماضيه لم يحسّ إلا حسرةً وندماً على ما فاته من أخذ العدّة لتجنب هذا الإخفاق، ولو تطلّع إلى مستقبله لم ير فيه شعاعاً من الخير أو النور، وإنما هو ظلام قائم، وشؤم جاثم!
وهكذا يجد مسالك الحياة قد سدّت من بين يديه ومن خلفه، لا مخرج فيها ولا متنفّس .. أليس ذلك هو اليأس القاتل؟!