فقولنا هذا، هو الحدّ الأدنى، ولكن فوقه درجات متصاعدة، رسمها الإسلام، وندب إليها القرآن!
أدناها: ألا يمسك المرء إلا حدّ كفايته، وقدر حاجته هو ومن يعوله، ثم يعمد إلى ما زاد عن هذه الكفاية، فينفقها في التوسعة على الآخرين .. إلى هذه الدرجة السنيّة، يشير القرآن الحكيم: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (البقرة: ٢١٩)!
المرتبة الثانية: وهي الدرجة الوسطى: ألا يستأثر على الناس بشيء من ماله، بل يعد نفسه شريكاً لهم كواحد منهم، لهم في ماله مثل ما له فيه، ولا سيما في أيام المسغبة، وإلى تلك الرتبة الإشارة بقوله عظمت حكمته:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: ١٠)!
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (التوبة: ٧١)!
المرتبة الثالثة: وهي أعلاها، أن يؤثر أخاه على نفسه، من دون أن يلقي بيده إلى التهلكة .. تلك هي الدرجة العليا، تسمو إليها الأرواح القدسيّة: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} (الحشر)!
فلينظر المؤمن أن يضع نفسه من هذه النازل كلها!
وليعلم أن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها!
وجوه البذل
وبعد أن وصّانا القرآن الكريم بالبر والإحسان, رسم لنا الخطة المثلى، التي افترضها الله علينا في هذا الإحسان, فأمرنا أن نتخيّر مبرّاتنا من أطيب أموالنا