هلم بنا إلى منهل القرآن الحكيم، نغترف منه مادة التطهير!
ولنبدأ بالنفوس التي هي أقبل للدواء، وأدنى إلى الشفاء، تلك النفوس المتعطشة إلى رزقها, ولكنها في طلبها لهذا الرزق، كانت ضيّقة الأفق، قصيرة النظر، قليلة التبصّر والحذر، فأخذت تقتحم الأسوار الممنوعة، وترتع في الحمى المحرم، تزاحم أرباب الحمى بمناكبها، وتدوسهم بأقدامها، تريد أن تطردهم من دارهم، وأن تأخذ هي مكانهم!
فلنسمع إلى صوت الهدى، وهو يناشدها ليردّها إلى الطريق السوي:
أيتها النفوس الشرود!!
لفتة يسيرة، ترى أنك تقحّمت المضيق، وتنكّبت الطريق، تاركة وراءك الآفاق الفساح، والرزق الهنيء المباح!
أحسبت أن رزق الله قد ضاق حدوده، وانحصرت موارده في هذا الذي بأيدي الناس؟!
كلا، إن أرض الله واسعة، فاسلكي سبلها ذللاً، وإن سماء الله أوسع، فأوسعيها رجاءً وأملاً!
أيها الناس: لقد أبدلكم الله بهذا الطريق الضيّق الموحش، طريقين اثنين واسعين آمنين!
دعوا إذن هذا التشهّي والتمنّي لما في أيدي الخلق!
{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ...}!
ولكن دونكم ميدان الكسب والعمل، ففيه متسع للسالكين!