أن يصادفك حظ، أو يحالفك توفيق، أو ييسّر لك أمر، أو يرتفع لك ذكر، أو يساق إليك رزق، أو يجري على يديك نفع!
إن مرض هذه القلوب ليس هو الحسد فحسب، ولكنه مرض مركب، وما الحسد إلا إحدى شعبتيه، حسد في السراء، وشماتة في الضراء، فأصحابه أبداً في همّ، مقيم ملازم، تسوؤهم مسرّتك، وتسرّهم مساءتك، إنهم كما وصفهم الله تعالى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} (آل عمران: ١٢٠)!
إن مرضهم ليس هو الحسد، ولكنه أصل الحسد ومنبته، إنه الغلّ والحقد والضغينة، والغلّ والحقد والضغينة أسماء مترادفة أو تكاد لتلك العداوة الكمينة، التي يمسكها صاحبها في صدره، ويتربّص بها الفرص المواتية، لتنفث سمومها، وترمى سِهامُها!
هل من شأن المؤمن أن يحتفظ بهذا الضغن لأخيه المؤمن؟!
أليس المؤمنون كما وصفهم الله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح: ٢٩)!
{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (المائدة: ٥٤)!
وهل من شأن الإنسان أن يحتفظ بهذا الضغن لأخيه الإنسان؟!
كل بشر يحبّ ويكره، ويرضى ويغضب، ويوالي ويعادي، ولكن العاقل لا يوالي أحدًا جملةً، ولا يُعادي أحدًا جملةً، إنه يحبّ منه شيئاً ويكره شيئاً، يرضى منك عن خُلق ويسخط خُلقاً، يؤيّدك في رأي ويخالفك في رأي غيره، يحبّذ منك قولاً أو فعلاً، وينقم منك قولاً أو فعلاً آخر!