{قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}!
فأين علم حفاظ الأساطير ورواتها من ذلك العلم الشامل؟!
وأين أساطير الأوّلين من السرّ في السموات والأرض؟!
وأين النقطة الصغيرة من الخضم الذي لا ساحل له ولا قرار؟!
ألا إنهم ليرتكبون الخطيئة الكبيرة، وهم يدّعون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الدعاوى المتهافتة، ومن قبل يصرّون على الشرك بالله، وهو خلقهم .. ولكن باب التوبة مفتوح، والرجوع عن الإثم ممكن، والله الذي يعلم السرّ في السموات والأرض، ويعلم ما يفترون وما يكيدون، غفور رحيم: {إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً (٦)}!
وقد انكشف هذا النوع من المناورات بعد حين .. وتبيّن أن القرآن بسلطانه القاهر الذي يحمله من عند الله (١)، وبالحق العميق الذي تصطلح عليه الفطرة سريعاً، قد اكتسح هذه الأساليب وتلك المناورات، فلم يقف له منها شيء!
وراح الملأ من قريش في ذعر يقولون:
{لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْءانِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦)} (فصلت)!
ووجد كبراؤهم يخالس بعضهم بعضاً ليبيت ليلته يستمع خفيةً لهذا القرآن، ولا يملك نفسه من أن تقوده قدماه ليلةً بعد ليلة إلى حيث يستمع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خفية عن الآخرين، حتى تعاهدوا وأكدوا على أنفسهم العهود، ألاّ يعودوا، مخافة أن يراهم الفتية فيفتنوا بهذا القرآن وبهذا الدّين!
(١) المرجع السابق: ٣: ١٥٠٤ بتصرف.