والمحدّثون كانوا يحفظون ألوفاً من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويكتبون بعد ذلك ما كانوا يسمعون ويحفظون!
وصدق شبلي نعماني، حيث قال:
(إلى يوم الدين لن يستطيع أحد أن ينافس المسلمين في فخرهم بحفظ أدق تفاصيل كل حادث في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بطريقة دقيقة وواعية، لا يصل إلى مستواها تسجيل حياة أي إنسان آخر من قبل، ولا يمكن أن ينتظر من بعد، فمن أجل تسجيل هذه الحياة بأدق تفاصيلها قام علماؤنا بتسجيل أسماء وخصائص نحو ثلاثة عشر ألفاً من الصحابة، وتمّ هذا في وقت كان فجر نظام التأليف!
ولنرجع إلى كتب الطبقات وعلم الرجال، لنرى فيها هذه الصورة الفريدة في التراث الإنساني .. إنه جهد لا نظير له في تاريخ الإنسانيّة من أجل حياة فرد واحد) (١)!
ثانياً: الوضوح في جميع المراحل:
وحياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واضحة كل الوضوح في جميع مراحلها (٢)، مما يجعل سيرته - صلى الله عليه وسلم - واضحة وضوح الشمس، حتى قال بعض الغربيين: (إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو الوحيد الذي وُلد على ضوء الشمس)!
وهذا ما لم يتيسّر مثله ولا قريب منه لرسول من رسل الله السابقين .. وما
(١) الإسلام والعروبة في عالم متغير: دكتور عبد العزيز كامل: ٥١ - ٥٢ كتاب العربي: الكتاب الثاني والعشرون ١٩٨٩ م نقلاً عن: سيرة النبي: شبلي نعماني: ١: ٨.
(٢) السيرة النبوية: دروس وعبر: ١٥ وما بعدها بتصرف.