وسبْي الذراري والنساء ممّن خالفه، فلا يمنعكم ذلك منه، فلما بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاصر بني قريظة قَال هؤلاء الفتْيَة، وكانوا شباباً، قالوا: ليس به، قالوا: بلى والله، إنه لهو بصفته، فنزلوا وأسلموا وأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم!
قال ابن إسحاق: فهذا ما بلغنا عن أخبار يهود! (١)
ويطول بنا الحديث لو حاولنا مزيداً من إنذار يهود برسول الله - صلى الله عليه وسلم -!
ولقد كانت حجة بني إسرائيل في إعراضهم عن الإسلام (٢) وإبائهم الدخول فيه، أن عندهم الكفاية من تعاليم أنبيائهم، وأنهم ماضون على شريعتهم ووصاياهم .. فهنا يفضحهم القرآن، ويكشف عن حقيقة موقفهم من أنبيائهم وشرائعهم ووصاياهم، ويثبت أنهم هم هم كلما واجهوا الحق، الذي لا يخضع لأهوائهم!
وقد واجههم القرآن بالكثير من مواقفهم مع نبيّهم موسى عليه السلام، وقد آتاه الله الكتاب، وقد توالت رسلهم تترى، يقفو بعضهم بعضاً، وكان آخرهم عيسى عليه السلام، وقد آتاه الله المعجزات البينات، وأيّده بروح القدس!
وقد نزل فيهم -كما أسلفنا- قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (٨٧) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (٨٨) وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ
(١) ابن هشام: ١: ٢٧٢ وصرح ابن إسحاق بالسماع، وفيه جهالة شيخ من بني قريظة، وأبو نعيم: "الدلائل": ٢٣ - ٢٤ باختلاف يسير، والبيهقي: الدلائل: ٢: ٨٠ - ٨١ من طريق ابن إسحاق.
(٢) في ظلال القرآن: ١: ٨٨ وما بعدها بتصرف.