قَالَ: وَاَللَّهِ لَقَدْ اسْتَقَامَ الْمَنْسِمُ ١ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَنَبِيٌّ، أَذْهَبُ وَاَللَّهِ فَأُسْلِمَ، فَحَتَّى مَتَى، قَالَ: قُلْتُ: وَاَللَّهِ مَا جِئْتُ إلَّا لأسلم. قَالَ: فقد منا الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَقَدَّمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَسْلَمَ وَبَايَعَ، ثُمَّ دَنَوْتُ، فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ يُغْفَرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي، وَلَا أَذْكُرُ مَا تَأَخَّرَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَمْرُو، بَايِعْ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ ٢ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَإِنَّ الْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا، قَالَ: فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَحُتُّ ٣ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَإِنَّ الْهِجْرَةَ- تَحُتُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا.
(إسْلَامُ ابْنِ طَلْحَةَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ، وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، كَانَ مَعَهُمَا، حِينَ أَسْلَمَا.
(شِعْرٌ لِلسَّهْمِيِّ فِي إسْلَامِ ابْنِ طَلْحَةَ وَخَالِدٍ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ:
أَنْشُدُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ حِلْفَنَا ٤ ... وَمُلْقَى نِعَالِ الْقَوْمِ عِنْدَ الْمُقَبَّلِ ٥
وَمَا عَقَدَ الْآبَاءُ مِنْ كُلِّ حِلْفِهِ ... وَمَا خَالِدٌ مِنْ مِثْلِهَا بِمُحَلَّلِ
أَمِفْتَاحَ بَيْتٍ غَيْرِ بَيْتِكَ تَبْتَغِي ... وَمَا يُبْتَغَى مِنْ مَجْدِ بَيْتٍ مُؤَثَّلِ ٦
فَلَا تَأْمَنَنَّ خَالِدًا بَعْدَ هَذِهِ ... وَعُثْمَانُ جَاءَ بِالدُّهَيْمِ الْمُعَضَّلِ ٧
١ كَذَا فِي شرح السِّيرَة. وَفِي الْأُصُول: «الميسم» . قَالَ أَبُو ذَر: «وَمَعْنَاهُ: تبين الطَّرِيق ووضح. وأصل المنسم: خف الْبَعِير، وَمن رَوَاهُ الميسم، فَهُوَ الحديدة الَّتِي توسم بهَا الْإِبِل وَغَيرهَا والمنسم (بالنُّون) هُوَ الصَّوَاب» .
٢ يجب: يقطع.
٣ يحت: يسْقط.
٤ كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «خلفنا» .
٥ يُرِيد «بالمقبل» : مَوضِع تَقْبِيل الْحجر الْأسود.
٦ المؤثل: الْقَدِيم.
٧ الدهيم: من أَسمَاء الداهية. والمعضل: الشَّديد.