صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجَيْشَ، قَالُوا: مُحَمَّد وَالْخَمِيس ١ مَعَهُ! فَأَدْبَرُوا هُرَّابًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنَا هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ بِمِثْلِهِ.
(مَنَازِلُ الرَّسُولِ فِي طَرِيقِهِ إلَى خَيْبَرَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى خَيْبَرَ سَلَكَ عَلَى عَصْرٍ ٢ ، فَبَنَى لَهُ فِيهَا مَسْجِدٌ، ثُمَّ عَلَى الصَّهْبَاءِ ٣ ، ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَيْشِهِ، حَتَّى نَزَلَ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ الرَّجِيعُ، فَنَزَلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَطَفَانَ، لِيَحُولَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَنْ يُمِدُّوا أَهْلَ خَيْبَرَ، وَكَانُوا لَهُمْ مُظَاهِرِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(غَطَفَانُ وَمُحَاوَلَتُهُمْ مَعُونَةَ خَيْبَرَ ثُمَّ انْخِذَالُهُمْ) :
فَبَلَغَنِي أَنَّ غَطَفَانَ لَمَّا سَمِعَتْ بِمَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ جَمَعُوا لَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا لِيُظَاهِرُوا ٤ يَهُودَ عَلَيْهِ، حَتَّى إذَا سَارُوا مَنْقَلَةً ٥ سَمِعُوا خَلْفَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ حِسًّا، ظَنُّوا أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ خَالَفُوا إلَيْهِمْ، فَرَجَعُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ، فَأَقَامُوا فِي أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَخَلَّوْا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ خَيْبَرَ.
(افْتِتَاحُ رَسُولِ اللَّهِ الْحُصُونَ) :
وَتَدَنَّى ٦ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْوَالَ يَأْخُذُهَا مَالًا مَالًا، وَيَفْتَتِحُهَا حِصْنًا حِصْنًا، فَكَانَ أَوَّلُ حُصُونِهِمْ اُفْتُتِحَ حِصْنُ نَاعِمٍ، وَعِنْدَهُ قُتِلَ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ،
١ الْخَمِيس: الْجَيْش.
٢ عصر (بِالْكَسْرِ، ويروى بِالتَّحْرِيكِ، وَالْأول أشهر وَأكْثر) : جبل بَين الْمَدِينَة ووادي الْفَرْع. (عَن مُعْجم الْبلدَانِ) .
٣ الصَّهْبَاء: مَوضِع بَينه وَبَين خَبِير رَوْحَة. (رَاجع مُعْجم الْبلدَانِ) .
٤ ليظاهروا: ليعاونوا.
٥ منقلة: مرحلة.
٦ تدنى: أَي أَخذ الْأَدْنَى فالأدنى.