(شِعْرُ بُدَيْلٍ فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَخْزَرِ) :
فَأَجَابَهُ بُدَيْلُ بْنُ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَجَبِّ ١ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ:
بُدَيْلُ بْنُ أُمِّ أَصْرَمَ، فَقَالَ:
تَفَاقَدَ قَوْمٌ يَفْخَرُونَ وَلَمْ نَدَعْ ... لَهُمْ سَيِّدًا يَنْدُوهُمُ غَيْرَ نَافِلِ ٢
أَمِنْ خِيفَةِ الْقَوْمِ الْأُلَى تَزْدَرِيهِمْ ... تُجِيزُ الْوَتِيرَ خَائِفًا غَيْرَ آئِلِ ٣
وَفِي كُلِّ يَوْمٍ نَحْنُ نَحْبُو حِبَاءَنَا ... لِعَقْلٍ وَلَا يُحْبَى لَنَا فِي الْمَعَاقِلِ ٤
وَنَحْنُ صَبَحْنَا بِالتَّلَاعَةِ دَارَكُمْ ... بِأَسْيَافِنَا يَسْبِقْنَ لَوْمَ الْعَوَاذِلِ ٥
وَنَحْنُ مَنَعْنَا بَيْنَ بَيْضٍ وَعِتْوَدٍ ... إلَى خَيْفِ رَضْوَى ٦ مِنْ مِجَرِّ الْقَنَابِلِ ٧
وَيَوْمَ الْغَمِيمِ قَدْ تَكَفَّتَ سَاعِيًا ... عُبَيْسٌ فَجَعْنَاهُ بِجَلْدٍ حُلَاحِلِ ٨
أَأَنْ أَجْمَرَتْ فِي بَيْتِهَا أُمُّ بَعْضِكُمْ ... بِجُعْمُوسِهَا تَنْزُونَ أَنْ لَمْ نُقَاتِلْ ٩
كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ مَا إنْ قَتَلْتُمْ ... وَلَكِنْ تَرَكْنَا أَمْرَكُمْ فِي بَلَابِلِ ١٠
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ «غَيْرَ نَافِلِ» ، وَقَوْلُهُ «إلَى خَيْفِ رَضْوَى» عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
١ فِي أ: «الأحب، بِالْحَاء الْمُهْملَة» . وَفِي الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر: «الْأَخْنَس» . وَقد سَاق ابْن عبد الْبر نسبه فَقَالَ: «هُوَ أحد المنسوبين إِلَى أمهاتهم، وَهُوَ بديل بن سَلمَة بن خلف بن عَمْرو بن الْأَخْنَس ابْن مقياس بن حبتر بن عدي بن سلول بن كَعْب الْخُزَاعِيّ» .
٢ يندوهم: يجمعهُمْ فِي الندى، وَهُوَ الْمجْلس.
٣ الْوَتِير: اسْم مَاء بِأَسْفَل مَكَّة لخزاعة، وَغير آئل: غير رَاجع.
٤ نحبو: نعطي. وَالْعقل: الدِّيَة.
٥ التلاعة (بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف) : مَاء لبني كنَانَة بالحجاز. ويسبقن لوم العواذل: يُشِير إِلَى الْمثل الْمَعْرُوف: «سبق السَّيْف العذل» .
٦ بيض (بِالْفَتْح) : من منَازِل بنى كنَانَة بالحجاز: وعتود (بِكَسْر أَوله وَسُكُون ثَانِيه وَفتح الْوَاو. وروى بِفَتْح أَوله) : مَاء لكنانة أَيْضا. والخيف: مَا انحدر من الْجَبَل. ورضوى: جبل بِالْمَدِينَةِ.
٧ كَذَا فِي أ. والقنابل: جمع قنبلة، وَهِي الْقطعَة من الْخَيل.
٨ الغميم: مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة. وتكفت: حاد عَن طَرِيقه. وعبيس: رجل. وَالْجَلد:
القوى. والحلاحل: السَّيِّد.
٩ الجعموس: الْعذرَة. و «أجمرت ... إِلَخ» : أَي رمت بِهِ بِسُرْعَة، وَهُوَ كِنَايَة عَن ضرب من الْحَدث يسمج وَصفه: يُرِيد الْفَزع وَعدم الاطمئنان.
١٠ البلابل: اخْتِلَاط الْهم ووساوسه.