عَنَانِي وَلَمْ أَشْهَدْ بِبَطْحَاءِ مَكَّةٍ ... رِجَالُ بَنِي كَعْبٍ تُحَزُّ رِقَابُهَا ١
بِأَيْدِي رِجَالٍ لَمْ يَسُلُّوا سُيُوفَهُمْ ... وَقَتْلَى كَثِيرٌ لَمْ تُجَنَّ ثِيَابُهَا ٢
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَنَالَنَّ نُصْرَتِي ... سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَخْزُهَا وَعُقَابُهَا ٣
وَصَفْوَانُ عَوْدٌ ٤ حَنَّ مِنْ شُفْرِ اسْتِهِ ٥ ... فَهَذَا أَوَانُ الْحَرْبِ شُدَّ عِصَابُهَا
فَلَا تَأْمَنَنَّا يَا بن أُمِّ مُجَالِدٍ ... إذَا اُحْتُلِبَتْ صَرْفًا وَأَعْصَلَ نَابُهَا ٦
ولاَ تَجْزَعُوا مِنَّا فَإِنَّ سُيُوفَنَا ... لَهَا وَقْعَةٌ بِالْمَوْتِ يُفْتَحُ بَابُهَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُ حَسَّانَ: «
بأيدي رِجَالٍ لَمْ يَسُلُّوا سُيُوفَهُمْ
» يَعْنِي قُرَيْشًا، «وَابْنُ أُمِّ مُجَالِدٍ» يَعْنِي عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ.
(كِتَابُ حَاطِبٍ إلَى قُرَيْشٍ وَعِلْمُ الرَّسُولِ بِأَمْرِهِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا، قَالُوا: لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسِيرَ إلَى مَكَّةَ، كَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ كِتَابًا إلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ بِاَلَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَمْرِ فِي السَّيْرِ إلَيْهِمْ، ثُمَّ أَعْطَاهُ امْرَأَةً، زَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّهَا مِنْ مُزَيْنَةَ، وَزَعَمَ لِي غَيْرُهُ أَنَّهَا سَارَةُ، مَوْلَاةٌ لِبَعْضِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَجَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ تُبَلِّغَهُ قُرَيْشًا، فَجَعَلَتْهُ فِي رَأْسِهَا، ثُمَّ فَتَلَتْ عَلَيْهِ قُرُونَهَا، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ، وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرُ مِنْ السَّمَاءِ بِمَا صَنَعَ حَاطِبٌ، فَبَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: أَدْرِكَا امْرَأَةً قَدْ كَتَبَ مَعَهَا حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ بِكِتَابِ إلَى قُرَيْشٍ، يُحَذِّرُهُمْ مَا قَدْ أَجْمَعْنَا لَهُ فِي أَمْرِهِمْ
١ عناني: أهمني. وَفِي الدِّيوَان: «
غبنا فَلم نشْهد ببطحاء مَكَّة ... رُعَاة............
إِلَخ» .
٢ لم تجن ثِيَابهَا: لم تستر. يُرِيد أَنهم قتلوا وَلم يدفنوا. وَمَوْضِع هَذَا الْبَيْت مُتَأَخّر فِي الدِّيوَان.
٣ كَذَا فِي الدِّيوَان.
٤ الْعود: المسن من الْإِبِل.
٥ كَذَا فِي الدِّيوَان. وَفِي م: «شعر استه» .
٦ الصّرْف: اللَّبن الْخَالِص هُنَا. وأعصل: أَعْوَج، والعصل: اعوجاج الْأَسْنَان. وَرِوَايَة الدِّيوَان للشطر الثَّانِي: «
إِذا لقحت حَرْب وأعصل نابها
» وَابْن أم مجَالد: هُوَ عِكْرِمَة بن أَبى جهل.