رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهُمَا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمَا، فَدَخَلَا عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَا.
(شِعْرُ أَبِي سُفْيَانَ فِي الِاعْتِذَارِ عَمَّا كَانَ فِيهِ قَبْلَ إسْلَامِهِ) :
وَأَنْشَدَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ قَوْلَهُ فِي إسْلَامِهِ، وَاعْتذر إِلَيْهِ مِمَّا كَانَ مَضَى مِنْهُ، فَقَالَ:
لَعَمْرُكَ إنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً ... لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللَّاتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ ١
لَكَالْمُدْلِجِ الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ ... فَهَذَا أَوَانِي حِينَ أُهْدَى وَأَهْتَدِي ٢
هَدَانِي هَادٍ غَيْرُ نَفْسِي وَنَالَنِي ... مَعَ ٣ اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ
أَصُدُّ وَأَنْأَى جَاهِدًا عَنْ مُحَمَّدٍ ... وَأُدْعَى (وَإِنْ لَمْ أَنْتَسِبْ) مِنْ مُحَمَّدِ ٤
هُمْ مَا هُمْ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهَوَاهُمْ ... وَإِنْ كَانَ ذَا رَأْيٍ يُلَمْ وَيُفَنَّدْ ٥
أُرِيدُ لِأُرْضِيَهُمْ وَلَسْتُ بِلَائِطٍ ... مَعَ الْقَوْمِ مَا لَمْ أُهْدَ فِي كُلِّ مَقْعَدِ ٦
فَقُلْ لِثَقِيفٍ لَا أُرِيدُ قِتَالَهَا ... وَقُلْ لِثَقِيفِ تِلْكَ: غَيْرِي ٧ أَوْعِدِي ٨
فَمَا كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِي نَالَ عَامِرًا ... وَمَا كَانَ عَنْ جَرَّا لِسَانِي وَلَا يَدِي ٩
قَبَائِلَ جَاءَتْ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ ... نَزَائِعَ جَاءَتْ مِنْ سِهَامٍ وَسُرْدَدِ ١٠
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى «وَدَلَّنِي
عَلَى الْحَقِّ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ
» .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَزَعَمُوا أَنَّهُ حِينَ أَنْشَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ:
«وَنَالَنِي مَعَ اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ» ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِهِ، وَقَالَ: أَنْتَ طَرَّدْتَنِي كُلَّ مُطَرَّدٍ.
١ أحمل راية: يُرِيد: أَقُود النَّاس للحرب. وَاللات: صنم من أصنام الْعَرَب. وخيل اللات:
جيوش الْكفْر.
٢ المدلج: الّذي يسير بِاللَّيْلِ.
٣ كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «ودلني على الله» وَقد آثرنا مَا فِي (أ) لإِجْمَاع الْأُصُول عَلَيْهَا بعد.
٤ أنأى: أبعد.
٥ يفند: يلام ويكذب.
٦ لائط: ملصق. يُقَال: لَاطَ حبه بقلبي، أَي لصق بِهِ.
٧ كَذَا فِي أ، وَفِي م، ر «غَيْرِي» .
٨ أوعدى: هددى.
٩ عَن جرا: من جراء.
١٠ سِهَام (بِوَزْن سَحَاب) ، وسردد (بِوَزْن جؤذر) : موضعان من أَرض عك. (انْظُر الرَّوْض) ٢٦- سيرة ابْن هِشَام- ٢