تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... يُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ ١
فَإِمَّا تُعْرِضُوا عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ ٢
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِجِلَادِ يَوْمٍ ... يُعِينُ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ ٣
وَجِبْرِيلُ رَسُولُ اللَّهِ فِينَا ... وَرُوحُ الْقُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ ٤
وَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ إنْ نَفَعَ الْبَلَاءُ ٥
شَهِدْتُ بِهِ فَقُومُوا ٦ صَدِّقُوهُ ... فَقُلْتُمْ لَا نَقُومُ وَلَا نَشَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ قَدْ سَيَّرْتُ جُنْدًا ... هُمْ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ ٧
لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَنُحْكِمُ بِالْقَوَافِي مَنْ هَجَانَا ... وَنَضْرِبُ حِينَ تَخْتَلِطُ الدِّمَاءُ ٨
أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ ٩ عَنِّي ... مُغَلْغَلَةً ١٠ فَقَدْ بَرِحَ الْخَفَاءُ
بِأَنَّ سُيُوفَنَا تَرَكَتْكَ عَبْدًا ... وَعَبْدُ الدَّارِ سَادَتُهَا الْإِمَاءُ ١١
١ المتمطرات: قيل مَعْنَاهُ المصوبات بالمطر. وَيُقَال: المتمطرات: الَّتِي يسْبق بَعْضهَا بَعْضًا. ويلطمهن:
تضرب النِّسَاء وجوههن لتردهن. وَالْخمر: جمع خمار، وَهُوَ مَا تغطى بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا ووجهها، أَي أَن النِّسَاء كن يضربن وُجُوه الْخَيل بِخُمُرِهِنَّ يَوْم الْفَتْح. قَالَ السهيليّ: وَقَالَ ابْن دُرَيْد فِي الجمهرة:
كَانَ الْخَلِيل رَحمَه الله يرْوى بَيت حسان: (يطلمهن بِالْخمرِ) وينكر: (يلطمهن) ويجعله بِمَعْنى ينفض النِّسَاء بِخُمُرِهِنَّ مَا عليهنّ من غُبَار أَو نَحْو ذَلِك.
٢ اعتمرنا: أدينا مَنَاسِك الْعمرَة، وَهِي زِيَارَة بَيت الله الْحَرَام.
٣ الجلاد: الْقِتَال بِالسُّيُوفِ. ويروى: (يعز الله) بدل (يعين الله) .
٤ كفاء: مثل.
٥ الْبلَاء: الاختبار.
٦ رِوَايَة الدِّيوَان: (وقومي) .
٧ عرضتها اللِّقَاء: عَادَتهَا أَن تتعرض للقاء، فَهِيَ قَوِيَّة عَلَيْهِ.
٨ نحكمه: نمنعه ونكفه، وَمِنْه سمى القَاضِي حَاكما، لِأَنَّهُ يمْنَع النَّاس من الظُّلم.
٩ أَبُو سُفْيَان: هُوَ الْمُغيرَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب ابْن عَم النَّبِي، وَكَانَ هجا النَّبِي قبل أَن يسلم.
١٠ مغلغلة: رِسَالَة ترسل من بلد إِلَى بلد. وَرِوَايَة هَذَا الْبَيْت فِي الدِّيوَان:
أَلا أبلغ أَبَا سُفْيَان عَنى ... فَأَنت مجوف نخب هَوَاء
والمجوف: الْخَالِي الْجوف، يُرِيد بِهِ الجبان. وَكَذَلِكَ النخب والهواء.
١١ يُرِيد أَن سيوف الْأَنْصَار جعلت أَبَا سُفْيَان كَالْعَبْدِ الذَّلِيل يَوْم فتح مَكَّة، وَأَن سادة بنى عبد الدَّار صَارُوا كالإماء فِي المذلة والهوان.