اُرْدُدْ عَلَيْهِ سَلَبَهُ. فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَأَخَذْتُهُ مِنْهُ، فَبِعْتُهُ، فَاشْتَرَيْتُ بِثَمَنِهِ مَخْرَفًا ١ ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ اعْتَقَدْتُهُ ٢ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْن أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَقَدْ اسْتَلَبَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَحْدَهُ عِشْرِينَ رَجُلًا.
(نُصْرَةُ الْمَلَائِكَةِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي أَبِي إسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، (أَنَّهُ حُدِّثَ) ٣ عَنْ جُبَيْرِ ابْن مُطْعِمٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ قَبْلَ هَزِيمَةِ الْقَوْمِ وَالنَّاسُ يَقْتَتِلُونَ مِثْلَ الْبِجَادِ ٤ الْأَسْوَدِ، أَقْبَلَ مِنْ السَّمَاءِ حَتَّى سَقَطَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا نَمَلٌ أَسْوَدُ مَبْثُوثٌ ٥ قَدْ مَلَأَ الْوَادِيَ، لَمْ أَشُكَّ أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ ٦ إلَّا هَزِيمَةُ الْقَوْمِ.
(هَزِيمَةُ الْمُشْرِكِينَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ حُنَيْنٍ، وَأَمْكَنَ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ، قَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ:
قَدْ غَلَبَتْ خَيْلُ اللَّهِ خَيْلَ اللَّاتِ ... وَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالثَّبَاتِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالرِّوَايَةِ لِلشِّعْرِ:
غَلَبْتِ خَيْلُ اللَّهِ خَيْلَ اللَّاتِ ... وَخَيْلُهُ أَحَقُّ بِالثَّبَاتِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا انْهَزَمَتْ هَوَازِنُ اسْتَحَرَّ ٧ الْقَتْلُ مِنْ ثَقِيفٍ فِي بَنِي مَالِكٍ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا تَحْتَ رَايَتِهِمْ، فِيهِمْ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ
١ المخرف: نَخْلَة وَاحِدَة أَو نخلات يسيرَة إِلَى عشر، فَأَما مَا فَوق ذَلِك فَهُوَ بُسْتَان أَو حديقة.
(انْظُر السهيليّ) .
٢ اعتقدته: يُقَال: اعتقدت مَالِي: أَي اتَّخذت مِنْهُ عقدَة، كَمَا تَقول: نبذة أَو قِطْعَة وَالْأَصْل فِيهِ من العقد، وَأَن من ملك شَيْئا عقد عَلَيْهِ.
٣ زِيَادَة عَن أ.
٤ البجاد: الكساء.
٥ مبثوث: متفرق، يعْنى رَآهُ ينزل من السَّمَاء.
٦ كَذَا فِي م، ر. وَفِي ب أ «وَلم يكن» .
٧ استحر: اشْتَدَّ.
٢٩- سيرة ابْن هِشَام- ٢