صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ، بِفِطْرِنَا ١ وَسَحُورنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْتِينَا بِالسَّحُورِ، وَإِنَّا لَنَقُولُ: إنَّا لَنَرَى الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ، فَيَقُولُ:
قَدْ تَرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَسَحَّرُ، لِتَأْخِيرِ السُّحُورِ: وَيَأْتِينَا بِفِطْرِنَا، وَإِنَّا لَنَقُولُ: مَا نَرَى الشَّمْسَ كُلَّهَا ذَهَبَتْ بَعْدُ. فَيَقُولُ: مَا جِئْتُكُمْ حَتَّى أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَضَعُ يَدَهُ فِي الْجَفْنَةِ، فَيَلْتَقِمُ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: بِفَطُورِنَا وَسَحُورِنَا.
(عَهْدُ الرَّسُولِ لَابْنِ أَبِي الْعَاصِ حِينَ أَمَّرَهُ عَلَى ثَقِيفٍ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: كَانَ مِنْ آخِرِ مَا عَهِدَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَنِي عَلَى ثَقِيفٍ أَنْ قَالَ: يَا عُثْمَانُ، تُجَاوِزْ فِي الصَّلَاةِ، وَاقْدُرْ النَّاسَ بِأَضْعَفِهِمْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الْكَبِيرَ، وَالصَّغِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الْحَاجَةِ.
(هَدْمُ الطَّاغِيَةِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ أَمْرِهِمْ، وَتَوَجَّهُوا إلَى بِلَادِهِمْ رَاجِعِينَ، بَعَثَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعهَا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فِي هَدْمِ الطَّاغِيَةِ. فَخَرَجَا مَعَ الْقَوْمِ، حَتَّى إذَا قَدِمُوا الطَّائِفَ أَرَادَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنْ يُقَدِّمَ أَبَا سُفْيَانَ، فَأَبَى ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: اُدْخُلْ أَنْتَ عَلَى قَوْمِكَ، وَأَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ بِمَالِهِ بِذِي الْهَدْمِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ عَلَاهَا يَضْرِبُهَا بِالْمِعْوَلِ، وَقَامَ قَوْمُهُ دُونَهُ، بَنُو مُعَتِّبٍ، خَشْيَةَ أَنْ يُرْمَى أَوْ يُصَابَ كَمَا أُصِيبَ عُرْوَةُ، وَخَرَجَ نِسَاءُ ثَقِيفٍ حُسَّرًا ٢ يَبْكِينَ عَلَيْهَا وَيَقُلْنَ:
لَتُبْكَيَنَّ دُفَّاعُ ... أَسْلَمَهَا الرَّضَّاعُ ٣
لَمْ يُحْسِنُوا الْمِصَاعَ ٤
١ فِي شرح السِّيرَة لأبى ذَر: «بفطورنا» . وَهِي رِوَايَة ابْن هِشَام بعد.
٢ حسرا: مكشوفات الرُّءُوس.
٣ سميت «دفاع» لِأَنَّهَا كَانَت تدفع عَنْهُم، وَتَنْفَع وتضر على زعمهم. وَالرّضَاع: اللئام.
٤ المصاع: الْمُضَاربَة بِالسُّيُوفِ.