نَسْمُو إذَا الْحَرْبُ نَالَتْنَا مَخَالِبُهَا ... إذَا الزَّعَانُفُ مِنْ أَظْفَارهَا خَشَعُوا ١
لَا يَفْخَرُونَ إذَا نَالُوا عَدُوَّهُمْ ... وَإِنْ أُصِيبُوا فَلَا خُورٌ وَلَا هُلُعُ ٢
كَأَنَّهُمْ فِي الْوَغَى وَالْمَوْتُ مُكْتَنِعٌ ... أُسْدٌ بِحِلْيَةِ فِي أَرْسَاغِهَا فَدَعُ ٣
خُذْ مِنْهُمْ مَا أَتَى عَفْوًا إذَا غَضِبُوا ... وَلَا يَكُنْ هَمُّكَ الْأَمْرَ الَّذِي مَنَعُوا ٤
فَإِنَّ فِي حَرْبِهِمْ فَاتْرُكْ عَدَاوَتَهُمْ ... شَرًّا يُخَاضُ عَلَيْهِ السَّمُّ وَالسَّلَعُ ٥
أَكْرِمْ بِقَوْمٍ رَسُولُ اللَّهِ شِيعَتُهُمْ ... إذَا تَفَاوَتَتْ الْأَهْوَاءُ وَالشِّيَعُ
أَهْدِي لَهُمْ مِدْحَتِي قَلْبٌ يُؤَازِرُهُ ... فِيمَا أُحِبُّ لِسَانٌ حَائِكٌ صَنَعُ ٦
فَإِنَّهُمْ أَفْضَلُ الْأَحْيَاءِ كُلِّهِمْ ... إنْ جَدَّ بِالنَّاسِ جِدُّ الْقَوْلِ أَوْ شَمَعُوا ٧
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ:
يَرْضَى بِهَا كُلُّ مَنْ كَانَتْ سَرِيرَتُهُ ... تَقْوَى الْإِلَهِ وَبِالْأَمْرِ الَّذِي شَرَعُوا
(شِعْرٌ آخَرُ لِلزِّبْرِقَانِ) :
وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ مِنْ بَنِي تَمِيم: أنّ الزبْرِقَان بن بَدْرٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ووفد بَنِي تَمِيمٍ قَامَ فَقَالَ:
أَتَيْنَاكَ كَيْمَا يَعْلَمَ النَّاسُ فَضْلَنَا ... إذَا احْتَفَلُوا ٨ عِنْدَ احْتِضَارِ الْمَوَاسِمِ ٩
بِأَنَّا فُرُوعُ النَّاسِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ ... وَأَنْ لَيْسَ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ كَدَارِمِ ١٠
١ نسمو: ننهض. والزعانف: أَطْرَاف النَّاس وأتباعهم. وخشعوا: تذللوا.
٢ الخور: الضُّعَفَاء، والهلع (ككتب) الجازعون، الْوَاحِد: هلوع.
٣ مكتنع: دَان. وَحلية: مأسدة بِالْيمن. والأرساغ: جمع رسغ، وَهُوَ مَوضِع الْقَيْد من الرجل.
وفدع: اعوجاج إِلَى نَاحيَة.
٤ عفوا: من غير مشقة.
٥ السّلع: نَبَات مَسْمُوم.
٦ صنع: يحسن القَوْل ويجيده.
٧ شمعوا: هزلوا. وأصل الشمع: الطَّرب وَاللَّهْو، وَمِنْه جَارِيَة شموع، إِذا كَانَت كَثِيرَة الطَّرب.
٨ فِي أ: «اخْتلفُوا» .
٩ المواسم: جمع موسم، وَهُوَ الْموضع الّذي يجْتَمع فِيهِ النَّاس مرّة فِي السّنة، كاجتماعهم فِي الْحَج، واجتماعهم بعكاظ وَذي الْمجَاز وأشباههما.
١٠ دارم من بنى تَمِيم.