قَالَ: يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا سَمِعْنَا بِوَافِدِ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ ضِمَامِ ابْن ثَعْلَبَةَ.
قُدُومُ الْجَارُودِ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقِيسِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَارُودُ بْنُ عَمْرِو ابْن حَنْشٍ أَخُو عَبْدِ الْقَيْسِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْجَارُودُ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْمُعَلَّى فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا.
(ضَمَانُ الرَّسُولِ دِينَهُ وَإِسْلَامُهُ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ الْحَسَنِ ١ ، قَالَ: لَمَّا انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَهُ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ، وَدَعَاهُ إلَيْهِ، وَرَغَّبَهُ فِيهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى دِينٍ، وَإِنِّي تَارِكٌ دِينِي لِدِينِكَ، أَفَتَضْمَنُ لِي دَيْنِي؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ، أَنَا ضَامِنٌ أَنْ قَدْ هَدَاكَ اللَّهُ إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ. قَالَ: فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُمْلَانَ، فَقَالَ ٢ : وَاَللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بِلَادِنَا ضَوَالُّ مِنْ ضَوَالِّ النَّاسِ: أَفَنَتَبَلَّغُ عَلَيْهَا إلَى بِلَادِنَا؟ قَالَ: لَا، إيَّاكَ وَإِيَّاهَا، فَإِنَّمَا تِلْكَ حَرَقُ النَّارِ.
(مَوْقِفُهُ مِنْ قَوْمِهِ فِي الرِّدَّةِ) :
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ الْجَارُودُ رَاجِعًا إلَى قَوْمِهِ، وَكَانَ حَسَنَ الْإِسْلَامِ، صُلْبًا ٣ عَلَى دِينِهِ، حَتَّى هَلَكَ وَقَدْ أَدْرَكَ الرِّدَّةَ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ كَانَ أَسْلَمَ مِنْهُمْ إلَى دِينِهِمْ الْأَوَّلِ مَعَ الْغَرُورِ ٤ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَامَ الْجَارُودُ فَتَكَلَّمَ، فَتَشَهَّدَ
١ فِي م، ر: «الْحُسَيْن» .
٢ الحملان: مَا يركبون عَلَيْهِ من دَوَاب.
٣ فِي أ: «صليبا» .
٤ الْغرُور: اسْمه الْمُنْذر، سمى كَذَلِك لِأَنَّهُ غر قومه يَوْم حَرْب الرِّدَّة (السهيليّ) :.