قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى ١ بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ (عَبَّادٍ) ٢ . قَالَ:
(صُوفَةُ وَرَمْيُ الْجِمَارِ) :
كَانَتْ صُوفَةُ تَدْفَعُ بِالنَّاسِ مِنْ عَرَفَةَ، وَتُجِيزُ بِهِمْ إذَا نَفَرُوا مِنْ مِنًى، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ أَتَوْا لِرَمْيِ الْجِمَارِ، وَرَجُلٌ مِنْ صُوفَةَ يَرْمِي لِلنَّاسِ، لَا يَرْمُونَ حَتَّى يَرْمِي ٣ . فَكَانَ ذَوُو الْحَاجَاتِ الْمُتَعَجِّلُونَ يَأْتُونَهُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: قُمْ فَارْمِ حَتَّى نَرْمِيَ مَعَكَ، فَيَقُولُ: لَا وَاَللَّهِ، حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ. فَيَظَلُّ ذَوُو الْحَاجَاتِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ التَّعَجُّلَ يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ، وَيَسْتَعْجِلُونَهُ بِذَلِكَ، وَيَقُولُونَ لَهُ: وَيْلَكَ! قُمْ فَارْمِ، فَيَأْبَى عَلَيْهِمْ. حَتَّى إذَا مَالَتْ الشَّمْسُ قَامَ فَرَمَى وَرَمَى النَّاسُ مَعَهُ.
(تَوَلِّي بَنِي سَعْدٍ أَمْرَ الْبَيْتِ بَعْدَ صُوفَةَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ وَأَرَادُوا النَّفْرَ مِنْ مِنًى، أَخَذَتْ صُوفَةُ بِجَانِبَيْ الْعَقَبَةِ، فَحَبَسُوا النَّاس وَقَالُوا: أجيرى صُوفَةَ، فَلَمْ يَجُزْ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَمُرُّوا، فَإِذَا نَفَرَتْ صُوفَةُ وَمَضَتْ خُلِّيَ سَبِيلُ النَّاسِ فَانْطَلَقُوا بَعْدَهُمْ فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى انْقَرَضُوا، فَوَرِثَهُمْ ذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِمْ بِالْقُعْدُدِ ٤ بَنُو سعد بن زِيَاد مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ ٥ ، وَكَانَتْ مِنْ بَنِي سَعْدٍ فِي آلِ صَفْوَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شِجْنَةَ.
(نَسَبُ صَفْوَانَ) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: صَفْوَانُ بْنُ جُنَابِ بْنِ شِجْنَةَ بْنِ عُطَارِدَ بْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ.
١ روى عَن جده، وَأَبِيهِ، وَعَمه حَمْزَة. وَعنهُ هِشَام بن عُرْوَة، ومُوسَى بن عقبَة، وَابْن إِسْحَاق وَجَمَاعَة، وَلَقَد مَاتَ شَابًّا عَن سبع وَثَلَاثِينَ سنة. (رَاجع تراجم رجال لِابْنِ إِسْحَاق) .
٢ زِيَادَة عَن أ.
٣ كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «يرومى» ، وَهُوَ تَحْرِيف.
٤ يُرِيد قرب النّسَب. يُقَال: رجل قعدد، إِذا كَانَ قريب الْآبَاء إِلَى الْجد الْأَكْبَر. وَمن أغرب مَا يذكر أَن يزِيد بن مُعَاوِيَة حج بِالنَّاسِ سنة خمسين، وَأَن عبد الصَّمد بن على حج بِالنَّاسِ سنة مائَة وَخمسين وآباؤهما فِي القعدد إِلَى عبد منَاف وَاحِد، وَبَينهمَا مائَة سنة.
٥ وَذَلِكَ لِأَن سَعْدا هُوَ ابْن زيد مَنَاة بن تَمِيم بن مر، وَكَانَ سعد أقعد بالغوث بن مر من غَيره من الْعَرَب.