(أَبُو سَيَّارَةَ وَإِفَاضَتُهُ بِالنَّاسِ) :
- وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ- فَلِأَنَّ الْإِفَاضَةَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ كَانَتْ فِي عَدْوَانَ- فِيمَا حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ- يَتَوَارَثُونَ ذَلِكَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ. حَتَّى كَانَ آخِرَهُمْ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ أَبُو سَيَّارَةَ، عُمَيْلَةُ بْنُ الْأَعْزَلِ ١ .
فَفِيهِ يَقُولُ شَاعِرٌ مِنْ الْعَرَبِ:
نَحْنُ دَفَعْنَا عَنْ أَبِي سَيَّارَهْ ... وَعَنْ مَوَالِيهِ بَنِي فَزَارَهْ ٢
حَتَّى أَجَازَ سَالِمًا حِمَارَهْ ... مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو جَارَهُ
٣ قَالَ: وَكَانَ أَبُو سَيَّارَةَ يَدْفَعُ بِالنَّاسِ عَلَى أَتَانٍ ٤ لَهُ، فَلِذَلِكَ يَقُولُ: «سَالِمًا حِمَارَهُ» .
أَمْرُ عَامِرِ بْنِ ظَرِبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِيَاذِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ عَدْوَانَ
(قَضَاؤُهُ فِي خُنْثَى وَمَشْوَرَةُ جَارِيَتِهِ سُخَيْلَةَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَوْلُهُ «حَكَمٌ يَقْضِي» ، يَعْنِي عَامِرَ بْنَ ظَرِبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِيَاذِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ عَدْوَانَ الْعَدْوَانِيَّ. وَكَانَتْ الْعَرَبُ لَا يَكُونُ بَيْنَهَا نَائِرَةٌ ٥ وَلَا عُضْلَةٌ ٦ فِي قَضَاءٍ إلَّا أَسْنَدُوا ذَلِكَ إلَيْهِ ثُمَّ رَضُوا بِمَا قَضَى فِيهِ. فَاخْتُصِمَ إلَيْهِ فِي بَعْضِ مَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، فِي رَجُلٍ خُنْثَى، لَهُ مَا لِلرَّجُلِ وَلَهُ مَا لِلْمَرْأَةِ، فَقَالُوا:
أَتَجْعَلُهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً؟ وَلَمْ يَأْتُوهُ بِأَمْرِ كَانَ أَعْضَلَ مِنْهُ. فَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمركُم، فو الله مَا نَزَلَ بِي مِثْلُ هَذِهِ مِنْكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ! فَاسْتَأْخَرُوا عَنْهُ. فَبَاتَ لَيْلَتَهُ سَاهِرًا، يُقَلِّبُ أَمْرَهُ، وَيَنْظُرُ فِي شَأْنِهِ، لَا يَتَوَجَّهُ لَهُ مِنْهُ وَجْهٌ. وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا سُخَيْلَةُ تَرْعَى عَلَيْهِ غَنَمَهُ، وَكَانَ يُعَاتِبُهَا إذَا سَرَحَتْ فَيَقُولُ: صَبَّحْتِ وَاَللَّهِ
١ وَقيل اسْمه العَاصِي، وَاسم الأعزل خَالِد.
٢ يعْنى بمواليه: بنى عَمه، لِأَنَّهُ من عدوان، وعدوان وفزارة من قيس عيلان.
٣ يَدْعُو جَاره: أَي يَدْعُو الله عز وَجل يَقُول: اللَّهمّ كن لي جارا مِمَّن أخافه، أَي مجيرا.
٤ وَكَانَت تِلْكَ الأتان سَوْدَاء. وَلذَلِك يَقُول:
لاهم مَا لي فِي الْحمار الْأسود ... أَصبَحت بَين الْعَالمين أحسد
٥ النائرة: الكائنة الشنيعة تكون بَين الْقَوْم.
٦ العضلة: الْأَمر الشَّديد الّذي لَا يعلم لَهُ وَجه.