(موطنه والبلاد الَّتِي تنقل فِيهَا) :
وَسُهيْل الّذي ينْسب إِلَيْهِ عبد الرَّحْمَن، وَاد بالأندلس من كورة مالقة، فِيهِ قرى، وَفِي إِحْدَى هَذِه الْقرى ولد عبد الرَّحْمَن ١ . وَأقَام فِي الأندلس عمرا طَويلا نهل من بحار الْعلم مَا نهل، وتزوّد من المعارف مَا تزوّد، وأصبحت لَهُ مكانة عالية وسعى إِلَيْهِ النَّاس يطْلبُونَ الْعلم عَلَيْهِ، فطارت شهرته إِلَى مرّاكش، فَطَلَبه واليها، وَأحسن إِلَيْهِ، وَأَقْبل عَلَيْهِ. وولّاه قَضَاء الْجَمَاعَة، وَحسنت سيرته، وَأقَام السّهيليّ بمرّاكش أعواما ثَلَاثَة، ثمَّ وافته منيته، فَمَاتَ بهَا.
(مولده ووفاته) :
تحدثنا المراجع بِأَن السّنة الَّتِي ولد فِيهَا أَبُو الْقَاسِم كَانَت سنة ٥٠٨ هـ، وتحدّثنا أَيْضا بِأَنَّهُ توفى سنة ٥٨١ هـ. وَيذكر ابْن الْعِمَاد الْحَنْبَلِيّ فِي كِتَابه «شذرات الذَّهَب» أَن أَبَا الْقَاسِم مِمَّن توفّوا سنة ٥٨١، وَيذكر إِلَى جَانب هَذَا أَن وَفَاته كَانَت فِي شعْبَان من تِلْكَ السّنة، وَأَنه عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة.
(مؤلفاته وَعلمه وأخلاقه) :
أشهر تواليف السّهيليّ كِتَابه: الرّوض الْأنف، قَالَ الصّفدى فِي نكت الْهِمْيَان: «وَهُوَ كتاب جليل جوّد فِيهِ مَا شَاءَ، وَذكر فِي أوّله أَنه استخرجه من نَيف وَعشْرين وَمِائَة ديوَان» . وَله كتاب التَّعْرِيف والإعلام بِمَا فِي الْقُرْآن من الْأَسْمَاء الْأَعْلَام، وَكتاب نتائج النّظر، وَمَسْأَلَة رُؤْيَة الله عزّ وجلّ ورؤية النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام، وَمَسْأَلَة السرّ فِي عور الدَّجَّال. وَشرح آيَة الْوَصِيَّة، وَشرح الْجمل- وَلم يتمّ- ومسائل كَثِيرَة غير هَذِه اكْتفى المترجمون بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهَا دون التَّصْرِيح بأسمائها.
وَلم يَقع فِي أَيْدِينَا للسّهيلى غير الرّوض الْأنف، الّذي ألّفه فِي مالقة قبل رحلته إِلَى مرّاكش، إِذْ كَانَ بَدْء إمْلَائِهِ لَهُ فِي شهر المحرّم عَام ٥٦٩ هـ، وَكَانَ الْفَرَاغ مِنْهُ فِي جُمَادَى الأولى من ذَلِك الْعَام.
وبحسب السّهيليّ هَذَا الْكتاب، فقد دلّ فِيهِ على إِلْمَام وَاسع، واطلاع غزير
١ قَالَ الصَّفَدِي فِي نكت الْهِمْيَان: وَلَا يرى سُهَيْل فِي جَمِيع الْمغرب، إِلَّا من جبل مطل على هَذِه الْقرْيَة.