قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَبَّتْ: خَسِرَتْ. وَالتَّبَابُ: الْخُسْرَانُ. قَالَ حَبِيبُ بْنُ خُدْرَةَ ١ الْخَارِجِيُّ: أَحَدُ بَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ:
يَا طَيِّبُ إنَّا فِي مَعْشَرٍ ذَهَبَتْ ... مَسْعَاتُهُمْ فِي التَّبَارِ وَالتَّبَبِ ٢
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
(شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي قُرَيْشٍ حِينَ تَظَاهَرُوا عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ عَلَى ذَلِكَ قُرَيْشٌ، وَصَنَعُوا فِيهِ الَّذِي صَنَعُوا.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ:
أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي عَلَى ذَاتِ ٣ بَيْنِنَا ٤ ... لُؤَيًّا وَخُصَّا مِنْ لُؤَيٍّ بَنِي كَعْبِ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّا وَجَدْنَا مُحَمَّدًا ... نَبِيًّا كَمُوسَى خُطَّ فِي أَوَّلِ الْكُتُبِ
وَأَنَّ عَلَيْهِ فِي الْعِبَادِ مَحَبَّةً ... وَلَا خَيْرَ مِمَّنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِالْحُبِّ ٥
١ كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول، بخاء مُعْجمَة مَضْمُومَة ودال سَاكِنة وَفِي أ: «جدرة» بِالْجِيم وَالدَّال المفتوحتين. ويروى أَيْضا: «جدره» . بجيم مَكْسُورَة ودال سَاكِنة. وَهَذِه كلهَا رِوَايَات فِيهِ.
٢ التبار: الْهَلَاك. والتبب كالتباب والتتبيب، وَهِي الْهَلَاك.
٣ كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول، وَفِي م: «ذَات وبيننا» وَهُوَ تَحْرِيف.
٤ ذَات بَيْننَا، وَذَات يَده، وَمَا كَانَ نَحوه: صفة لمَحْذُوف مؤنث، كَأَنَّهُ يُرِيد الْحَال الَّتِي هِيَ ذَات بَينهم، كَمَا قَالَ الله سُبْحَانَهُ: وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ ٨: ١. فَكَذَلِك إِذا قلت ذَات يَده تُرِيدُ أَمْوَاله أَو مكتسباته.
وَكَذَلِكَ إِذا قلت: لَقيته ذَات يَوْم: أَي لقاءة، أَو مرّة ذَات يَوْم. فَلَمَّا حذف الْمَوْصُوف وَبقيت الصّفة صَارَت كالحال.
٥ قَالَ السهيليّ فِي التَّعْلِيق على الشّطْر الْأَخير من هَذَا الْبَيْت: «وَهُوَ مُشكل جدا، لِأَن: «لَا» .
فِي بَاب التبرئة لَا تنصب مثل هَذَا إِلَّا منونا، تَقول: لَا خيرا من زيد فِي الدَّار، وَلَا شرا من فلَان، وَإِنَّمَا تنصب بِغَيْر تَنْوِين إِذا كَانَ الِاسْم غير مَوْصُول بِمَا بعده كَقَوْلِه تَعَالَى: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ١٢: ٩٢.
لِأَن «عَلَيْكُم» لَيْسَ من صلَة التثريب، لِأَنَّهُ فِي مَوضِع الْخَبَر. وأشبه مَا يُقَال فِي بَيت أَبى طَالب أَن «خيرا» مخفف من خير (كهين وميت) . وَفِي التَّنْزِيل: خَيْراتٌ حِسانٌ ٥٥: ٧٠. وَهُوَ مخفف من خيرات، وَقَوله: «مِمَّن» . من مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا خير أخير مِمَّن خصّه الله. وَخير وأخير: لفظان من جنس وَاحِد، فَحسن الْحَذف استثقالا لتكرار اللَّفْظ. وَفِيه وَجه آخر، وَهُوَ أَن يكون حذف التَّنْوِين مُرَاعَاة لأصل الْكَلِمَة: لِأَن «خيرا من زيد، إِنَّمَا مَعْنَاهُ أخير من زيد» . وَكَذَلِكَ: «شَرّ من فلَان» .
إِنَّمَا أَصله أشر، على وزن أفعل، وحذفت الْهمزَة تَخْفِيفًا،. وأفعل لَا ينْصَرف، فَإِذا انحذفت الْهمزَة انْصَرف وَنون، فَإِذا توهمتها غير سَاقِطَة التفاتا إِلَى أصل الْكَلِمَة لم يبعد حذف التَّنْوِين على هَذَا الْوَجْه مَعَ مَا يقويه من ضَرُورَة الشّعْر» .