وَمَا خَصَّهُمْ اللَّهُ بِهِ دُونَنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ، مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ، وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ، وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا، أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ. وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا، فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٦: ٥٢- ٥٤
(ادِّعَاءُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ بِتَعْلِيمِ جَبْرٍ لَهُ، وَمَا أَنَزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ) :
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنِي- كَثِيرًا مَا يَجْلِسُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ إلَى مَبْيَعَةِ غُلَامٍ نَصْرَانِيٍّ، يُقَالُ لَهُ: جَبْرٌ، عَبْدٌ لِبَنِي الْحَضْرَمِيِّ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: وَاَللَّهِ مَا يُعَلِّمُ مُحَمَّدًا كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بَهْ إلَّا جَبْرٌ النَّصْرَانِيُّ، غُلَامُ بَنِي الْحَضْرَمِيِّ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ، وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ١٦: ١٠٣.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُلْحِدُونَ إلَيْهِ: يَمِيلُونَ إلَيْهِ. وَالْإِلْحَادُ: الْمَيْلُ عَنْ الْحَقِّ.
قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
إذَا تَبِعَ الضَّحَّاكَ كُلُّ مُلْحِدٍ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يَعْنِي الضَّحَّاكَ الْخَارِجِيَّ، وَهَذَا الْبَيْت فِي أُرْجُوزَةٌ لَهُ.
نُزُولُ سُورَةِ الْكَوْثَرِ
(مَقَالَةُ الْعَاصِ فِي الرَّسُولِ، وَنُزُولُ سُورَةِ الْكَوْثَرِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ- فِيمَا بَلَغَنِي- إذَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: دَعُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، لَوْ مَاتَ لَانْقَطَعَ ذِكْرُهُ وَاسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ١٠٨: ١ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. وَالْكَوْثَرُ: الْعَظِيمُ.