وَيَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى مَا أَرَادَ، فَأَنْزِلْ عَلَيْنَا كِتَابًا مِنْ السَّمَاءِ نَقْرَؤُهُ وَنَعْرِفُهُ، وَإِلَّا جِئْنَاكَ بِمِثْلِ مَا تَأْتِي بِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ وَفِيمَا قَالُوا: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ١٧: ٨٨.
(تَفْسِيرُ ابْنِ هِشَامٍ لِبَعْضِ الْغَرِيبِ) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الظَّهِيرُ: الْعَوْنُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: تَظَاهَرُوا عَلَيْهِ، أَيْ تَعَاوَنُوا عَلَيْهِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا سَمِيَّ النَّبِيِّ أَصْبَحْتَ لِلدِّينِ ... قَوَّامًا وَلِلْإِمَامِ ظَهِيرَا
أَيْ عَوْنًا، وَجَمْعُهُ: ظُهَرَاءُ.
(سُؤَالُهُمْ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكَعْبُ بْنُ أَسَدٍ، وَأَبُو رَافِعٍ، وَأَشْيَعُ، وَشَمْويِلُ بْنُ زَيْدٍ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ حِينَ أَسْلَمَ: مَا تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِي الْعَرَبِ وَلَكِنَّ صَاحِبَكَ مَلَكٌ. ثُمَّ جَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَصَّ عَلَيْهِمْ مَا جَاءَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ، مِمَّا كَانَ قَصَّ عَلَى قُرَيْشٍ، وَهُمْ كَانُوا مِمَّنْ أَمَرَ قُرَيْشًا أَنْ يَسْأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، حَيْنَ بَعَثُوا إلَيْهِمْ النَّضْرَ بن الْحَارِث، وَعقبَة بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ.
(تَهَجُّمُهُمْ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ، وَغَضَبُ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ ١ : وَحُدِّثْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: أَتَى رَهْطٌ مِنْ يَهُودَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اُنْتُقِعَ ٢ لَوْنُهُ، ثُمَّ سَاوَرَهُمْ ٣ غَضَبًا لِرَبِّهِ. قَالَ: فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَكَّنَهُ، فَقَالَ: خَفِّضْ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، وَجَاءَهُ مِنْ اللَّهِ بِجَوَابِ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١١٢: ١
١ فِي أ: «قَالَ ابْن هِشَام» .
٢ انتقع لَونه: تغير.
٣ ساورهم: واثبهم وباطشهم.