عَجِبْتُ لِهَبَّارٍ وَأَوْبَاشِ قَوْمِهِ ... يُرِيدُونَ إخْفَارِي بِبِنْتِ مُحَمَّدِ ١
وَلَسْتُ أُبَالِي مَا حَيِيتُ عَدِيدَهُمْ ... وَمَا اسْتَجْمَعْتُ قَبْضًا يَدِي بِالْمُهَنَّدِ ٢
(الرَّسُولُ يُحِلُّ دَمَ هَبَّارٍ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الدَّوْسِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً أَنَا فِيهَا، فَقَالَ لَنَا: إنْ ظَفِرْتُمْ بِهَبَّارِ ابْن الْأَسْوَدِ، أَوْ الرَّجُلِ (الْآخَرِ) ٣ الَّذِي سَبَقَ مَعَهُ إلَى زَيْنَبَ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:
وَقَدْ سَمَّى ابْنُ إسْحَاقَ الرَّجُلَ فِي حَدِيثِهِ (وَقَالَ: هُوَ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ) ٣- فَحَرَّقُوهُمَا بِالنَّارِ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ بَعَثَ إلَيْنَا، فَقَالَ: إنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بِتَحْرِيقِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إنْ أَخَذْتُمُوهُمَا، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إلَّا اللَّهُ، فَإِنْ ظَفَرْتُمْ بِهِمَا فَاقْتُلُوهُمَا.
إسْلَامُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ
(اسْتِيلَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تِجَارَةٍ مَعَهُ وَإِجَارَةُ زَيْنَبَ لَهُ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَقَامَ أَبُو الْعَاصِ بِمَكَّةَ، وَأَقَامَتْ زَيْنَبُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، حِينَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْإِسْلَامُ، حَتَّى إذَا كَانَ قُبَيْلَ الْفَتْحِ، خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ تَاجِرًا إلَى الشَّامِ، وَكَانَ رَجُلًا مَأْمُونًا، بِمَالٍ لَهُ وَأَمْوَالٍ لِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، أَبْضَعُوهَا مَعَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ وَأَقْبَلَ قَافِلًا، لَقِيَتْهُ سَرِيَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَصَابُوا مَا مَعَهُ، وَأَعْجَزَهُمْ هَارِبًا، فَلَمَّا قَدِمَتْ السَّرِيَّةُ بِمَا أَصَابُوا مِنْ مَالِهِ، أَقْبَلَ أَبُو الْعَاصِ تَحْتَ اللَّيْلِ حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَجَارَ بِهَا، فَأَجَارَتْهُ، وَجَاءَ فِي طَلَبِ مَالِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الصُّبْحِ- كَمَا حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ-
١ أوباش الْقَوْم: ضُعَفَاؤُهُمْ الَّذين يلصقون بهم ويتبعونهم. وإخفاري، أَي نقض عهدي.
٢ كَذَا فِي أ، ط. والعديد: الْكَثْرَة وَالْجَمَاعَة. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «فديدهم» . والفديد:
الصُّرَاخ.
٣ زِيَادَة عَن أ.
٤٢- سيرة ابْن هِشَام- ١