قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْ قَصِيدَةِ حَسَّانَ ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا، لِأَنَّهُ أَقْذَعَ فِيهَا ١ .
(شِعْرٌ لِحَسَّانَ فِيهَا أَيْضًا) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ ... غَدَاةَ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ الشَّدِيدِ
بِأَنَّا حَيْنَ تَشْتَجِرُ الْعَوَالِي ... حُمَاةُ الْحَرْبِ يَوْمَ أَبِي الْوَلِيدِ ٢
قَتَلْنَا ابْنَيْ رَبِيعَةَ يَوْمَ سَارا ... إلَيْنَا فِي مُضَاعَفَةِ الْحَدِيدِ ٣
وَفَرَّ بِهَا حَكِيمٌ يَوْمَ جَالَتْ ... بَنُو النَّجَّارِ تَخْطِرُ كَالْأُسُودِ ٤
وَوَلَّتْ عِنْدَ ذَاكَ جَمُوعُ فِهْرٍ ... وَأَسْلَمَهَا الْحُوَيْرِثُ مِنْ بِعِيدِ
لَقَدْ لَاقَيْتُمْ ذُلًّا وَقَتْلًا ... جَهِيزًا نَافِذًا تَحْتَ الْوَرِيدِ ٥
وَكُلُّ الْقَوْمِ قَدْ وَلَّوْا جَمِيعًا ... وَلَمْ يَلْوُوا عَلَى الْحَسَبِ التَّلِيدِ ٦
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
يَا حَارِ قَدْ عَوَّلْتَ غَيْرَ مُعَوَّلٍ ... عِنْدَ الْهِيَاجِ وَسَاعَةَ الْأَحْسَابِ ٧
إذْ تَمْتَطِي سُرُحَ الْيَدَيْنِ نَجِيبَةً ... مَرْطَى الْجِرَاءِ طَوِيلَةَ الْأَقْرَابِ ٨
وَالْقَوْمُ خَلْفَكَ قَدْ تَرَكْتَ قِتَالَهُمْ ... تَرْجُو النَّجَاءَ وَلَيْسَ حَيْنَ ذَهَابِ
١ فِي الدِّيوَان بعد هَذَا الْبَيْت خَمْسَة أَبْيَات لَا ثَلَاثَة.
٢ تشتجر: تختلط وتسشتبك. والعوالي: أعالى الرماح. وَقد ورد هَذَا الشّعْر بَين أَبْيَات سَبْعَة لِلْحَارِثِ فِي شرح الحماسة بِبَعْض اخْتِلَاف.
٣ يُرِيد «بمضاعفة الْحَدِيد» : الدروع الَّتِي ضوعف نسجها.
٤ فر، قَالَ أَبُو ذَر: من رَوَاهُ بِالْقَافِ، فَهُوَ من بَاب التَّقْرِيب، وَهُوَ فَوق الْمَشْي، وَدون الجرى. وَمن رَوَاهُ بِالْفَاءِ، فَهُوَ من الْفِرَار، وَهُوَ مَعْلُوم. وتخطر: تهتز وتتجرد فِي الْمَشْي إِلَى لِقَاء أعدائها.
٥ جهيزا: سَرِيعا، يُقَال: أجهز على الجريح، وَذَلِكَ إِذا أسْرع قَتله. والوريد: عرق فِي صفحة الْعُنُق.
٦ التليد: الْقَدِيم.
٧ عولت: عزمت. والهياج: الْحَرْب.
٨ تمتطى: تركب. وسرح الْيَدَيْنِ، أَي سريعة الْيَدَيْنِ، وَيُرِيد بهَا فرسا. والنجيبة: العتيقة.
ومرطى: سريعة: يُقَال: هُوَ يعدو المرطى: إِذا أسْرع. والجراء: الجرى. والأقراب: جمع قرب، وَهِي الخاصرة وَمَا يَليهَا.