لَعَمْرُكَ مَا حَامَتْ فَوَارِسُ مَالِكٍ ... وَأَشْيَاعُهُمْ يَوْمَ الْتَقَيْنَا عَلَى بَدْرٍ ١
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ بَيْتَهُ:
قَتَلْنَا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ قَبْلَهُ ... وَشَيْبَةُ يَكْبُو لِلْيَدَيْنِ وَلِلنَّحْرِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
نَجَّى حَكِيمًا يَوْمَ بَدْرٍ شَدُّهُ ... كَنَجَاءِ مُهْرٍ مِنْ بَنَاتِ الْأَعْوَجِ ٢
لَمَّا رَأَى بَدْرًا تَسِيلُ جِلَاهُهُ ... بِكَتِيبَةٍ خَضْرَاءَ مِنْ بَلْخَزْرَجِ ٣
لَا ينكلون إِذا لقرا ٤ أَعْدَاءَهُمْ ... يَمْشُونَ عَائِدَةَ الطَّرِيقِ الْمَنْهَجِ ٥
كَمْ فِيهِمْ مِنْ مَاجِدٍ ذِي مَنْعَةٍ ٦ ... بَطَلٌ بِمَهْلَكَةِ الْجَبَانِ الْمُحْرَجِ ٧
وَمُسَوَّدٍ يُعْطِي الْجَزِيلَ بِكَفِّهِ ... حَمَّالَ أَثْقَالِ الدِّيَاتِ مُتَوَّجٍ
زَيْنِ النَّدِيِّ مُعَاوِدٍ يَوْمَ الْوَغَى ... ضَرْبَ الْكُمَاةِ بِكُلِّ أَبْيَضَ سَلْجَجِ ٨
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ سَلْجَجُ، عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ أَيْضًا:
فَمَا نَخْشَى بِحَوْلِ ٩ اللَّهِ قَوْمًا ... وَإِنْ كَثُرُوا وَأُجْمِعَتْ الزُّحُوفُ ١٠
١ قَالَ أَبُو ذَر: «مَا حامت، من رَوَاهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، فَمَعْنَاه: جبنت. وَمن رَوَاهُ بِالْحَاء الْمُهْملَة، فَهُوَ من الحماية، أَي الِامْتِنَاع» . وَقد ورد هَذَا الشّعْر فِي ديوَان حسان طبع أوربة باخْتلَاف كثير فِي أَلْفَاظه وَبَعض أبياته عَمَّا هَاهُنَا.
٢ الشد (هُنَا) : الجرى. والأعوج: اسْم فرس مَشْهُور فِي الْجَاهِلِيَّة.
٣ الجلاه: مَا استقبلك من حُرُوف الْوَادي، الْوَاحِدَة: جلهة (بِالْفَتْح) ، وخضراء، أَي سَوْدَاء لما يعلوها من الْحَدِيد. وَالْعرب تجْعَل الْأسود أَخْضَر، فَتَقول: ليل أَخْضَر.
٤ فِي م، ر: «بقوا» بِالْبَاء الْمُوَحدَة.
٥ عَائِدَة الطَّرِيق: حَاشِيَته. والمنهج: المتسع.
٦ المنعة: الشدَّة والامتناع، ويروى: «ميعة» بِالْيَاءِ، وَهِي النشاط.
٧ المحرج: الْمضيق عَلَيْهِ.
٨ الندى: الْمجْلس، والوغى: الْحَرْب. والأبيض: السَّيْف. والسلجج: الْمَاضِي الّذي يقطع الضريبة بسهولة.
٩ فِي أ: «بِحَمْد» .
١٠ الزحوف: جمع زحف، وَهِي الْجَمَاعَة تزحف إِلَى مثلهَا، أَي تسرع وتسبق.