ثُمَّ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ عَلَى بُعَاثٍ حَتَّى أَسْنَدْنَا ١ فِي حَرَّةِ ٢ الْعَرِيضِ ٣ ، وَقَدْ أَبْطَأَ عَلَيْنَا صَاحِبُنَا الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَنَزَفَهُ ٤ الدَّمُ، فَوَقَفْنَا لَهُ سَاعَةً، ثُمَّ أَتَانَا يَتْبَعُ آثَارَنَا. قَالَ: فَاحْتَمَلْنَاهُ فَجِئْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ اللَّيْلِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ إلَيْنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ، وَتَفَلَ عَلَى جُرْحِ صَاحِبِنَا، فَرَجَعَ وَرَجَعْنَا إلَى أَهْلِنَا فَأَصْبَحْنَا وَقَدْ خَافَتْ يَهُودُ لِوَقْعَتِنَا بِعَدُوِّ اللَّهِ، فَلَيْسَ بِهَا يَهُودِيٌّ إلَّا وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ.
(شِعْرُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي مَقْتَلِ ابْنِ الْأَشْرَفِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:
فَغُودِرَ مِنْهُمْ كَعْبٌ صَرِيعًا ... فَذَلَّتْ بَعْدَ مَصْرَعِهِ النَّضِيرُ
عَلَى الْكَفَّيْنِ ثَمَّ وَقَدْ عَلَتْهُ ... بِأَيْدِينَا مُشْهَرَةٌ ذُكُورُ
بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ إذْ دَسَّ لَيْلًا ... إلَى كَعْبٍ أَخَا كَعْب يسير
فماكره فَأَنْزَلَهُ بِمَكْرٍ ... وَمَحْمُودٌ أَخُو ثِقَةٍ جَسُورُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ فِي يَوْمِ بَنِي النَّضِيرِ، سَأَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي حَدِيثِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
(شِعْرُ حَسَّانَ فِي مُقْتَلِ ابْنِ الْأَشْرَفِ وَابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَذْكُرُ قَتْلَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَقَتْلَ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ:
للَّه دَرُّ عِصَابَةٍ لَاقَيْتهمْ ... يَا بن الْحُقَيْقِ وَأَنْتَ يَا بن الْأَشْرَفِ
يَسْرُونَ بِالْبِيضِ الْخِفَافِ إلَيْكُمْ ... مَرَحًا كَأُسْدٍ فِي عَرِينٍ مُغْرِفِ ٥
حَتَّى أَتَوْكُمْ فِي مَحِلِّ بِلَادِكُمْ ... فَسَقَوْكُمْ حَتْفًا بِبِيضٍ ذُفَّفِ ٦
١ أسندنا: ارتفعنا.
٢ الْحرَّة: أَرض فِيهَا حِجَارَة سود.
٣ العريض: وَادي الْمَدِينَة.
٤ نزفه: أضعفه بِكَثْرَة سيلانه.
٥ العرين: مَوضِع الْأسد. ومغرف: ملتف الشّجر.
٦ يُرِيد «بالبيض» : السيوف. وذفف: سريعة الْقَتْل.