يَا عَيْنُ جُودِي بِفَيْضٍ غَيْرِ إبْسَاسِ ١ ... عَلَى كَرِيمٍ مِنْ الْفِتْيَانِ أبَّاسِ ٢
صَعْبِ الْبَدِيهَةِ مَيْمُونٍ نَقِيبَتُهُ ... حَمَّالِ أَلْوِيَةٍ رَكَّابِ أَفْرَاسِ ٣
أَقُولُ لَمَا أَتَى النَّاعِي لَهُ جَزَعًا ... أَوْدَى الْجَوَادُ وَأَوْدَى الْمُطْعِمُ الْكَاسِي ٤
وَقُلْتُ لَمَّا خَلَتْ مِنْهُ مَجَالِسُهُ ... لَا يُبْعِدُ اللَّهُ عَنَّا قُرْبَ شَمَّاسِ
(شِعْرُ أَبِي الْحَكَمِ فِي تَعْزِيَةِ نُعَمَ) :
فَأَجَابَهَا أَخُوهَا، وَهُوَ أَبُو الْحَكَمِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، يُعَزِّيهَا، فَقَالَ:
إقْنَى حَيَاءَكَ فِي سِتْرٍ وَفِي كَرَمٍ ... فَإِنَّمَا كَانَ شَمَّاسٌ مِنْ النَّاسِ ٥
لَا تَقْتُلِي النَّفْسَ إذْ حَانَتْ مَنِيَّتُهُ ... فِي طَاعَةِ اللَّهِ يَوْمَ الرَّوْعِ وَالْبَاسِ ٦
قَدْ كَانَ حَمْزَةُ لَيْثَ اللَّهِ فَاصْطَبِرِي ... فَذَاقَ يَوْمَئِذٍ مِنْ كَأْسِ شَمَّاسِ
(شِعْرُ هِنْدٍ بَعْدَ عَوْدَتِهَا مِنْ أُحُدٍ) :
وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، حِينَ انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ عَنْ أُحُدٍ:
رَجَعْتُ وَفِي نَفْسِي بَلَابِلُ جَمَّةٌ ... وَقَدْ فَاتَنِي بَعْضُ الَّذِي كَانَ مَطْلَبِي ٧
مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ ... بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمْ وَمِنْ أَهْلِ يَثْرِبِ
وَلَكِنَّنِي قَدْ نِلْتُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ ... كَمَا كُنْتُ أَرْجُو فِي مَسِيرِي وَمَرْكَبِي
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ قَوْلَهَا:
وَقَدْ فَاتَنِي بَعْضُ الَّذِي كَانَ مَطْلَبِي
وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ٨ .
١ الإبساس: أَن تمسح ضرع النَّاقة لتدر، وَتقول لَهَا: بس بس، وَقد استعارت هَذَا الْمَعْنى للدمع الفائض بِغَيْر تكلّف.
٢ كَذَا فِي شرح السِّيرَة لأبى ذَر. والأباس: الشَّديد الّذي يغلب غَيره. وَفِي الْأُصُول: «لِبَاس» وَهُوَ صِيغَة مُبَالغَة للَّذي يلبس أَدَاة الْحَرْب.
٣ البديهة: أول الرأى وَالْأَمر. وَمَيْمُون النقيبة: مَسْعُود الفعال. والألوية: جمع لِوَاء، وَهُوَ الْعلم
٤ أودى: هلك. والمطعم الكاسي: الْجواد الّذي يطعم النَّاس ويكسوهم.
٥ اقنى حياءك: الزمى حياءك.
٦ يَوْم الروع: يَوْم الْفَزع، وَهُوَ يَوْم الْبَأْس والقتال.
٧ البلابل: الأحزان. وجمة: كَثِيرَة.
٨ إِلَى هُنَا انْتهى الْجُزْء الثَّانِي عشر من أَجزَاء السِّيرَة.