شَيْئًا، وَقَدْ كَانَ أَحْدَثَ فِيهِ بَعْضُنَا حَدَثًا، فَأَصَابَهُ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكُمْ، وَلَسْنَا مَعَ ذَلِكَ بِاَلَّذِينَ نُقَاتِلُ مَعَكُمْ مُحَمَّدًا حَتَّى تُعْطُونَا رَهْنًا مِنْ رِجَالِكُمْ، يَكُونُونَ بِأَيْدِينَا ثِقَةً لَنَا حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا، فَإِنَّا نَخْشَى إنَّ ضَرَّسَتْكُمْ ١ الْحَرْبُ، وَاشْتَدَّ عَلَيْكُمْ الْقِتَال أَن تنشروا ٢ إلَى بِلَادِكُمْ وَتَتْرُكُونَا، وَالرَّجُلَ فِي بَلَدِنَا، وَلَا طَاقَةَ لَنَا بِذَلِكَ مِنْهُ.
فَلَمَّا رَجَعَتْ إلَيْهِمْ الرُّسُلُ بِمَا قَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، قَالَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ: وَاَللَّهِ إنَّ الَّذِي حَدَّثَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقٌّ، فَأَرْسِلُوا بَنِي قُرَيْظَةَ: إنَّا وَاَللَّهِ لَا نَدْفَعُ إلَيْكُمْ رَجُلًا وَاحِدًا مِنْ رِجَالِنَا، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الْقِتَالَ فَاخْرُجُوا فَقَاتِلُوا، فَقَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، حِينَ انْتَهَتْ الرُّسُلُ إلَيْهِمْ بِهَذَا: إنَّ الَّذِي ذَكَرَ لَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقٌّ، مَا يُرِيدُ الْقَوْمُ إلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا، فَإِنْ رَأَوْا فُرْصَةً انْتَهَزُوهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ انْشَمَرُوا إلَى بِلَادِهِمْ. وَخَلَّوْا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرَّجُلِ فِي بَلَدِكُمْ، فَأَرْسِلُوا إلَى قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ: إنَّا وَاَللَّهِ لَا نُقَاتِلُ مَعَكُمْ مُحَمَّدًا ٣ حَتَّى تُعْطُونَا رَهْنًا، فَأَبَوْا عَلَيْهِمْ، وَخَذَّلَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ، وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الرِّيحَ فِي لَيَالٍ شَاتِيَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ، فَجَعَلَتْ تَكْفَأُ قُدُورَهُمْ ٤ ، وَتَطْرَحُ أَبْنِيَتَهُمْ ٥ .
(أَرْسَلَ الرَّسُولُ حُذَيْفَةَ لِيَتَعَرَّفَ مَا حَلَّ بِالْمُشْرِكِينَ) :
(قَالَ) ٦ : فَلَمَّا انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اخْتَلَفَ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَمَا فَرَّقَ اللَّهُ مِنْ جَمَاعَتِهِمْ، دَعَا حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، فَبَعَثَهُ إلَيْهِمْ، لِيَنْظُرَ مَا فَعَلَ الْقَوْمُ لَيْلًا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، قَالَ:
قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ لِحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَرَأَيْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبْتُمُوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا بن أَخِي، قَالَ: فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟
١ ضرستكم الْحَرْب: نَالَتْ مِنْكُم، كَمَا يُصِيب ذُو الأضراس بأضراسه.
٢ أَن تنشمروا: أَن تنقبضوا وتسرعوا إِلَى بِلَادكُمْ.
٣ هَذِه الْكَلِمَة «مُحَمَّدًا» سَاقِطَة فِي أ.
٤ تكفأ قدورهم: تميلها وَتَقَلُّبهَا.
٥ كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «آنيتهم» .
٦ زِيَادَة عَن أ.