أَنِّي قَدْ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ إلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِهِ. وَقَالَ:
لَا أَبْرَحُ مَكَانِي هَذَا حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْتُ، وَعَاهَدَ اللَّهَ: أَنْ لَا أَطَأَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا، وَلَا أُرَى فِي بَلَدٍ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيهِ أَبَدًا.
(مَا نَزَلَ فِي خِيَانَةِ أَبَى لُبَابَةَ) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَبِي لُبَابَةَ، فِيمَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٨: ٢٧.
(مَوْقِفُ الرَّسُولِ مِنْ أَبِي لُبَابَةَ وَتَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُ، وَكَانَ قَدْ اَسْتَبْطَأَهُ، قَالَ: أَمَا إنَّهُ ١ لَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، فَأَمَّا إذْ قَدْ فَعَلَ مَا فَعَلَ، فَمَا أَنَا بِاَلَّذِي أُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ: أَنَّ تَوْبَةَ أَبَى لُبَابَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ السَّحَرِ ٢ ، وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ.
(فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ٣ ) : فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ السَّحَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ، قَالَ: تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَفَلَا أُبَشِّرُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى، إنْ شِئْتِ. قَالَ: فَقَامَتْ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا لُبَابَةَ، أَبْشِرْ فَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ. قَالَتْ ٤ : فَثَارَ النَّاسُ إلَيْهِ لِيُطْلِقُوهُ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنِي بِيَدِهِ، فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجًا إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ أَطْلَقَهُ.
١ فِي أ: «أما إِن لَو كَانَ ... إِلَخ» .
٢ هَذِه الْكَلِمَة «من السحر» سَاقِطَة فِي أ.
٣ زِيَادَة عَن أ.
٤ فِي م، ر: «قَالَ» .