جَاءَتْ سَخِينَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا ... فَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ ١
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ ابْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:
جَاءَتْ سَخِينَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا ... فَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ
قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ شَكَرَكَ اللَّهُ يَا كَعْبُ عَلَى قَوْلِكَ هَذَا. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ:
مَنْ سَرَّهُ ضَرْبٌ يُمَعْمِعُ بَعْضُهُ ... بَعْضًا كَمَعْمَعَةِ الْأَبَاءِ الْمُحْرَقِ ٢
فَلْيَأْتِ مَأْسَدَةً تُسَنُّ سُيُوفُهَا ٣ ... بَيْنَ الْمَذَادِ ٤ وَبَيْنَ جَزْعِ ٥ الْخَنْدَقِ
دَرِبُوا بِضَرْبِ الْمُعْلِمِينَ وَأَسْلَمُوا ... مُهُجَاتِ أَنْفُسِهِمْ لِرَبِّ الْمَشْرِقِ ٦
فِي عُصْبَةٍ نَصَرَ الْإِلَهُ نَبِيَّهُ ... بِهِمْ وَكَانَ بِعَبْدِهِ ذَا مَرْفِقِ ٧
فِي كُلِّ سَابِغَةٍ تَخُطُّ ٨ فُضُولُهَا ... كَالنَّهْيِ هَبَّتْ رِيحُهُ الْمُتَرَقْرِقِ ٩
بَيْضَاءُ مُحْكِمَةٌ كَأَنَّ قَتِيرَهَا ... حَدَقُ الْجَنَادِبِ ذَاتُ شَكٍّ مُوثَقِ ١٠
١ سخينة: لقب قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة. وَذكروا أَن قصيا كَانَ إِذا ذبح ذَبِيحَة أَو نحر نحيرة بِمَكَّة أَتَى بعجزها فَصنعَ مِنْهُ خزيرة- وَهُوَ لحم يطْبخ ببر- فيطعمه النَّاس، فسميت قُرَيْش بهَا سخينة. وَقيل:
إِن الْعَرَب كَانُوا إِذا أسنتوا أكلُوا العلهز. وَهُوَ الْوَبر وَالدَّم، وتأكل قُرَيْش الخزيرة، فنفست عَلَيْهِم ذَلِك، فلقبوهم سخينة. (رَاجع الرَّوْض) .
٢ المعمعة: صَوت التهاب النَّار وصريفها. والأباء: الْقصب، وَيُقَال. الأغصان الملتفة.
٣ المأسدة: مَوضِع الْأسود، ويعنى بهَا هُنَا مَوضِع الْحَرْب.
٤ كَذَا فِي أ. والمذاد: مَوضِع بِالْمَدِينَةِ حَيْثُ حفر الخَنْدَق، وَقيل هُوَ بَين سلع وَخَنْدَق الْمَدِينَة.
وَفِي سَائِر الْأُصُول: «المزاد» وَهُوَ تَحْرِيف.
٥ كَذَا فِي أ. والجزع: الْجَانِب. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «الْجذع» وَهُوَ تَحْرِيف.
٦ المعلمون الَّذين: يعلمُونَ أنفسهم فِي الْحَرْب بعلامة يعْرفُونَ بهَا. والمهجات: الْأَنْفس، الْوَاحِدَة: مهجة ولرب الْمشرق: يُرِيد لرب الْمشرق وَالْمغْرب، فَحَذفهُ للْعلم بِهِ.
٧ الْعصبَة الْجَمَاعَة:
٨ فِي أ: «يحط» بِالْحَاء الْمُهْملَة.
٩ السابغة: الدروع الْكَامِلَة. وتخط فضولها: ينجر على الأَرْض مَا فضل مِنْهَا. والنهى: الغدير من المَاء. والمترقرق: الّذي تصفقه الرّيح، فَيَجِيء وَيذْهب.
١٠ القتير: مسامير الدروع. وَالْجَنَادِب: ذُكُور الْجَرَاد. وَالشَّكّ: إحكام السرد.