لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ، يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١) .
ثم قال:
وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ، يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ، وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا، وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ (٢) .
وهؤلاء هم الأنصار.
ثم قال:
وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ، وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا، رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٣) .
فمن تنقّصهم فلا حق له في فيء المسلمين (٤) .
عقيدة أهل السّنّة في تفضيل الصّحابة
أجمع أهل السّنّة على أن أفضل الصّحابة بعد النّبي صلّى اللَّه عليه وسلم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر، وممّن حكى إجماعهم على ذلك أبو العبّاس القرطبي، فقال: ولم يختلف أحد في ذلك من أئمّة السّلف ولا الخلف، فقال: ولا مبالاة بأقوال أهل التّشيّع ولا أهل البدع، انتهى. وقد حكى الشّافعيّ وغيره إجماع الصّحابة والتابعين على ذلك، قال البيهقيّ في كتاب «الاعتقاد» : روينا عن أبي ثور عن الشّافعيّ قال: ما اختلف أحد من الصّحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصّحابة، وإنما اختلف من اختلف منهم في عليّ وعثمان (٥) .
وقال العلّامة الكمال بن الهمّام في «المسايرة» : فضل الصّحابة الأربعة على حسب ترتيبهم في الخلافة، إذ حقيقة الفضل ما هو فضل عند اللَّه تعالى، وذلك لا يطلع عليه إلا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وقد ورد عنه ثناؤه عليهم كلهم، ولا يتحقّق إدراك حقيقة تفضيله عليه السّلام لبعضهم على بعض إن لم يكن سمعيّا يصل إلينا قطعيّا في دلالته إلا الشاهدين لذلك الزمان، لظهور قرائن الأحوال لهم، وقد ثبت ذلك لنا صريحا ودلالة كما في صحيح البخاريّ من حديث عمرو بن العاص حين سأله عليه السّلام:
(١) الحشر: ٨.
(٢) الحشر: ٩.
(٣) الحشر: ١٠.
(٤) الشفا للقاضي عياض ١١١١، ١١١٢.
(٥) فتح المغيث للعراقي ٤/ ٤١.