قال أبو الحسن المدائني، وأخرجه ابن شاهين من طريقه، حدثنا أبو معشر، عن يزيد بن رومان، عن أسامة بن زيد هو الليثي، عن أبيه، وعن عبد الرحمن بن أبي الزّناد، عن أبيه في آخرين- يزيد بعضهم على بعض، قالوا: جاء قيس بن نشبة السلمي إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم بعد الخندق، فقال: إني رسول من ورائي من قومي، وهم لي مطيعون، وإني سائلك عن مسائل لا يعلمها إلا من يوحى إليه، فسأله عن السموات السبع وسكانها، وما طعامهم، وما شرابهم، فذكر له السموات السبع والملائكة وعبادتهم، وذكر له الأرض وما فيها، فأسلم، ورجع إلى قومه، فقال: يا بني سليم، قد سمعت ترجمة الروم وفارس وأشعار العرب والكهان، ومقاول حمير، وما كلام محمد يشبه شيئا من كلامهم، فأطيعوني في محمد، فإنكم أخواله، فإن ظفر تنتفعوا به وتسعدوا، وإن تكن الأخرى فإنّ العرب لا تقدم عليكم، فقد دخلت عليه وقلبي عليه أقسى من الحجر، فما برحت حتى لان بكلامه، قال: ويقال: إن السائل عن ذلك هو الأصم الرغلي، واسمه عباس.
وذكر يعقوب بن شيبة، عن أبي الحسن أحمد بن إبراهيم، عن أبي حفص السلمي- وهو من ولد الأقيصر بن قيس بن نشبة، قال: كان قيس قدم مكة في الجاهلية فباع إبلا له فلواه المشتري حقّه، فكان يقوم فيقول:
يا آل فهر كنت في هذا الحرم ... في حرمة البيت وأخلاق الكرم
أظلم لا يمنع منّي من ظلم
الرجز قال: فبلغ ذلك عباس بن مرداس، فكتب إليه أبياتا منها:
وائت البيوت وكن من أهلها مددا ... تلق ابن حرب وتلق المرء عبّاسا
البسيط قال: فقام العباس بن عبد المطلب، وأخذ له بحقه، وقال: أنا لك جار ما دخلت ٥٨٤ مكة، فكانت بينه وبين بني هاشم مودّة حتى بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم، فوفد عليه قيس، وكان قد قرأ الكتب، فذكر قصة إسلامه، وأنشد في ذلك شعرا.
وقرأت في كتاب الفصوص لصاعد بن الحسن الربعي اللغوي نزيل الأندلس، قال:
حدثنا أبو علي القالي، عن ابن دريد، عن أبي حاتم، عن أبي عبيدة، عن شيخ من بني سليم، حدثني حكيم بن عبد اللَّه بن وهب بن عبد اللَّه بن العباس بن مرداس السلمي، قال: كان قيس بن نشبة يتألّه في الجاهلية، وينظر في الكتب، فلما سمع بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قدم عليه، فقال له: أنت رسول اللَّه؟ قال: «نعم» . قال: فانتسب له، فقال: أنت