وسلم مرجعه من تبوك، وعليهم مقطعات الحبرات والعمائم العدنية على الرواحل المهرية، ومالك بن نمط يرتجز بين يدي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم يقول:
إليك جاوزن سواد الرّيف ... في هبوات الصّيف والخريف
مخطّمات بخطام الليف «١»
الرجز قال: وذكروا له كلاما كثيرا فصيحا حسنا.
فكتب لهم كتابا وأقطعهم فيه ما سألوه، وأمّر عليهم مالك بن نمط، واستعمله على من أسلم من قومه، وأمره بقتال ثقيف، فكان لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه، قال: وكان مالك بن نمط شاعرا محسنا، وهو القائل:
ذكرت رسول اللَّه في فحمة الدّجى ... ونحن «٢» بأعلى رحرحان «٣» وصلدد «٤»
حلفت بربّ الرّاقصات إلى منى ... صوادر بالرّكبان من هضب قردد
بأنّ رسول اللَّه فينا مصدّق ... رسول أتى من عند ذي العرش مهتد
وما حملت من ناقة فوق رحلها ... أشدّ على أعدائه من محمّد
وأعطى إذا ما طالب العرف «٥» جاءه ... وأمضى بحدّ المشرفيّ المهنّد «٦»
الطويل قلت: وسيأتي في ترجمة نمط بن قيس بن مالك أنه الوافد. وقيل أبوه قيس بن مالك، والّذي يجمع الأقوال أنهم وفدوا جميعا، فقد ذكر الحسن بن يعقوب الهمدانيّ في كتاب نسب «٧» همدان في هذه قصة أنهم كانوا مائة وعشرين نفسا، ذكره الرّشاطي «٨» عنه.
(١) ينظر البيتان في أسد الغابة ت (٤٦٥١) والاستيعاب ت (٢٣٢٨) .
(٢) في أ: بأعلى.
(٣) رحرحان: بفتح أوله وسكون ثانيه وتكرير الراء والحاء المهملة وآخره نون جبل قريب من عكاظ خلف عرفات وقيل لغطفان كان فيه يومان للعرب أشهرهما الثاني لبني عامر بن صعصعة على بني تميم. انظر: مراصد الاطلاع ٢/ ٦٠٩.
(٤) صلدد: من نواحي اليمن في بلاد همدان، قال:
ذكرت رسول اللَّه في فحمة الدّجى ... ونحن بأعلى رحرحان وصلدد
انظر: مراصد الاطلاع ٢/ ٨٤٩.
(٥) في أ: العرب.
(٦) تنظر الأبيات في الاستيعاب ترجمة رقم (٢٣٢٨) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٤٦٥١) .
(٧) سقط في أ.
(٨) في أ: المرشاطي.