وقبله:
وكنّا كندماني جذيمة حقبة ... من الدّهر حتّى قيل لن يتصدّعا
الطويل وتمثّلت بهما عائشة رضي اللَّه عنها لما وقفت على قبر أخيها عبد الرحمن، وقال: قيل لمتمم: ما بلغ من حزنك على أخيك؟ فقال: أصبت بعيني فما قطرت منها قطرة عشرين سنة، فلما قتل أخي استهلت.
وقال المرزبانيّ: كنية متمم أبو نهشل ويقال: أبو رهم «١» ، ويقال أبو إبراهيم، وكان أعور حسن الإسلام، وأكثر «٢» شعره في مراثي أخيه وهو القائل:
وكلّ فتى في النّاس بعد ابن أمّه ... كساقطة إحدى يديه من الخيل
الطويل وتمثّل به عمر بن عبد العزيز لما مات إخوته.
ويروى أن عمر قال للحطيئة: هل رأيت أو سمعت بأبكى من هذا؟ قال: لا، واللَّه ما بكى بكاءه عربيّ قط ولا يبكيه. وقال غيره: كان الزبير وطلحة يسيران فعرض لهما متمّم، فوقفا ليمضي، فوقف فتعجّلا فتعجّل، فقال: ما أثقلكما، فقال: هباني أغدر الناس، أأغدر بأصحاب محمد صلّى اللَّه عليه وآله وسلم؟ هباني خفت الضلال فأحببت أن أهتدي بكما، هباني خفت الوحشة فأردت أن أستأنس بكما. فقالا له: من أنت؟ قال: متمم بن نويرة، فقالا: مللنا غير مملول، هات أنشدتا، فأنشدهما أول قصيدته العينية:
لعمرك ما دهري بتأبين مالك ... ولا جزعا ممّا أصاب فأوجعا
أبى الصّبر آيات أراها وأنّني ... أرى كلّ حبل دون حبلك أقطعا
وأنّي متى ما أدع باسمك لا تجى ... وكنت جديرا أن تجيب وتسمعا
تراه كنصل السّيف يهتزّ للنّدى ... إذا لم يجد عند امرئ السّوء مطمعا
فإن تكن الأيّام فرّقن بيننا ... فقد بان محمودا أخي حين ودّعا
سقى اللَّه أرضا حلّها قبر مالك ... ذهاب الغوادي المدجنات فأمرعا
(١) في أ: أبو تميم.
(٢) في أ: أحسن.