زحل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد (١)
الكامل فقال: صدق، هكذا صفة حملة العرش.
قلت: وصحّ عن الشريد بن عمرو أن النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم استنشده من شعر فقال: كاد أن يسلم.
وفي البخاريّ عن أبي هريرة- مرفوعا- في حديث: وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم.
وأم أمية رقيّة بنت عبد شمس بن عباد بن عبد مناف، فذلك رثى أمية بن أبي الصلت قتلى بدر بقصيدته المشهورة، لأنه كان من رءوس من قتل بها عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس، وهما ابنا خاله.
وكان أبو الصّلت والد أميّة شاعرا، وكذا ابنه القاسم بن أمية، وسيأتي أنّ له صحبة.
وقال أبو عبيدة: اتّفقت العرب على أنّ أمية أشعر ثقيف.
وقال الزّبير بن بكّار: حدّثني عمي، قال: كان أمية في الجاهلية نظر الكتب وقرأها، ولبس المسوح وتعبّد أوّلا بذكر إبراهيم وإسماعيل والحنيفية، وحرّم الخمر، وتجنّب الأوثان، وطمع في النبوة، لأنه قرأ في الكتب أنّ نبيا يبعث بالحجاز، فرجا أن يكون هو، فلما بعث النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم حسده فلم يسلم، وهو الّذي رثى قتلى بدر بالقصيدة التي أولها:
ماذا يبدّر والعقنقل ... - من مرازبة جحاجح (٢)
وذكر صاحب المرآة في ترجمته عن ابن هشام، قال: كان أمية آمن بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم. فقدم الحجاز ليأخذ ماله من الطّائف ويهاجر، فلما نزل بدرا قيل له: إلى أين يا أبا عثمان؟ قال:
أريد أن أتبع محمّدا، فقيل له: هل تدري ما في هذا القليب؟ قال: لا، قيل فيه شيبة وعتبة ابنا خالك وفلان وفلان، فجدع أنف ناقته وشقّ ثوبه، وبكى، وذهب إلى الطائف فمات بها، ذكر ذلك في حوادث السنة الثانية.
والمعروف أنه مات في التاسعة. ولم يختلف أصحاب الأخبار أنه مات كافرا، وصحّ أنه عاش حتى رثى أهل بدر، وقيل: إنّه الّذي نزل فيه قوله تعالى: الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها الأعراف ١٧٥ وقيل: إنه مات سنة تسع من الهجرة بالطائف كافرا قبل أن يسلم الثقفيون.
(١) انظر ديوانه ٢٥.
(٢) انظر ديوانه ٢٠.