أشمّ أبلج يأتمّ الهداة به ... كأنّه علم في رأسه نار «١»
البسيط قال: وأجمع أهل العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.
وذكر الزّبير بن بكّار، عن محمد بن الحسن المخزومي، وهو المعروف بابن زبالة، أحد المتروكين، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن أبي وجزة، عن أبيه، قال:
حضرت الخنساء بنت عمرو السلمية حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال، فذكر موعظتها لهم وتحريضهم على القتال، وعدم الفرار، وفيها: إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وإنكم لبنو أب واحد وأم واحدة، ما هجنت آباءكم، ولا فضحت أخوالكم، فلما أصبحوا باشروا القتال واحدا بعد واحد حتى قتلوا، وكل منهم أنشد قبل أن يستشهد رجزا، فأنشد الأول:
يا إخوتي إنّ العجوز النّاصحه ... قد نصحتنا إذ دعتنا البارحه
بمقالة ذات بيان واضحه ... وإنّما تلقون عند الصّائحه
من آل ساسان كلابا نابحة
الرجز وأنشد الثاني:
إنّ العجوز ذات حزم وجلد ... قد أمرتنا بالسداد والرّشد
نصيحة منها وبرّا بالولد ... فباكروا الحرب حماة في العدد
الرجز وأنشد الثالث:
واللَّه لا نعصي العجوز حرفا ... نصحا وبرّا صادقا ولطفا
فبادروا الحرب الضّروس زحفا ... حتّى تلفّوا آل كسرى لفّا
الرجز وأنشد الرابع:
لست لخنساء ولا للأخرم ... ولا لعمرو ذي السّناء الأقدم
(١) البيت للخنساء وهو في ديوانها ص ٤٠ وبعده:
وإنّ صخرا لمقدام إذا ركبوا ... وإن صخرا إذا جاعوا لعقّار