بعض النقلة كتب سئلت بألف فصارت سألت، وتحرّفت الكلمة، فذكرها بعض الرواة بالمعنى، فعبّر عنها بلفظ حدّثتني، على أن بعض الرواة رواه عن حصين بالعنعنة، قال الخطيب: وأخرج البخاريّ في التّاريخ لما وقع فيه عن مسروق: سألت أم رومان، ولم يظهر له علّته.
قلت: بل عرف البخاريّ العلّة المذكورة وردّها كما تقدم، ورجح الرواية التي فيها:
إنها ماتت في حياة النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، لأنها مرسلة. وراويها علي بن زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف.
قلت: وأما دعوى من قال: إنها ماتت سنة أربع أو خمس أو ست فيردّها ما أخرجه الزّبير بن بكّار، عن إبراهيم بن حمزة الزّبيري، عن ابن عيينة، عن علي بن زيد: أن عبد الرّحمن بن أبي بكر خرج في فتية من قريش قبل الفتح إلى النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، وكذا قال محمد بن سعد: إن إسلامه كان في صلح الحديبيّة، وكان أول الصّلح في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف، والفتح كان في رمضان سنة ثمان.
وقد ثبت في الصّحيحين، عن أبي عثمان النّهدي، عن عبد الرّحمن بن أبي بكر- أن أصحاب الصّفّة كانوا ناسا فقراء- فذكر الحديث في قصّة أضياف أبي بكر، قال عبد الرّحمن: وإنما هو أنا وأمي وامرأتي وخادم بيتنا، وفي بعض طرقه عند البخاري في كتاب الأدب: فلما جاء أبو بكر قالت له أمّي: احتبست عن أضيافك. وأم عبد الرّحمن هي أمّ رومان بلا خلاف، وإسلام عبد الرّحمن كان بين الحديبيّة والفتح كما نبهت عليه آنفا، وهذه القصّة كانت بعد إسلامه قطعا، فلا يصح أن تكون ماتت في آخر سنة ست إلا إن كان عبد الرّحمن أسلم قبل ذلك، وأقرب ما قيل في وفاتها من الوفاة النبويّة أنها كانت في ذي الحجّة سنة ست، والحديبيّة كانت في ذي القعدة سنة ست، وقدوم عبد الرّحمن بعد ذي الحجّة سنة ست، فإن ادّعي أنّ الرّجوع من الحديبيّة وقصّة الجفنة المذكورة، وقدوم عبد الرّحمن بن أبي بكر، ووفاة أم رومان كان الجميع في ذي الحجّة سنة ست كان ذلك في غاية البعد.
ووقفت على قصّة أخرى تدل على تأخّر وفاة أم رومان عن سنة ست، بل عن سنة سبع، بل عن سنة ثمان،
ففي مسند الإمام أحمد، من طريق أبي سلمة عن عائشة، قالت: لما نزلت آية التخيير بدأ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بعائشة، فقال: يا عائشة: «إنّي عارض عليك أمرا فلا تفتأتي فيه بشيء حتّى تعرضيه على أبويك: أبي بكر، وأمّ رومان، قالت: يا رسول اللَّه وما هو؟ قال: قال اللَّه عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَ