«اللَّهمّ إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض»
«١» ولم يكن الخضر فيهم، ولو كان يومئذ حيّا لورد على هذا العموم، فإنه كان ممن يعبد اللَّه قطعا.
واستدل غيره
بقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «لا نبيّ بعدي» ،
ونسب إلى ابن دحية القول في ذلك، وهو معترض بعيسى ابن مريم، فإنه نبيّ قطعا، وثبت أنه ينزل إلى الأرض. في آخر الزمان، ويحكم بشريعة النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم، فوجب حمل النفي على إنشاء النبوّة لأحد من الناس لا على نفي وجود نبي كان قد نبئ قبل ذلك.
ذكر الأخبار التي وردت أن الخضر كان في زمن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ثم بعده إلى الآن
روى ابن عديّ في «الكامل» ، من طريق عبد اللَّه بن نافع، عن كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان في المسجد، فسمع كلاماً من ورائه، فإذا هو بقائل يقول: اللَّهمّ أعنّي على ما ينجّيني ممّا خوّفتني؟ فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حين سمع ذلك: «ألّا تضمّ إليها أختها؟» فقال الرجل: اللَّهمّ ارزقني شوق الصالحين إلى ما شوّقتهم إليه، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لأنس بن مالك: «اذهب إليه فقل له: يقول لك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم تستغفر لي» فجاءه أنس فبلّغه، فقال الرجل: يا أنس، أنت رسول رسول اللَّه إليّ، فارجع فاستثبته. فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: «قل له نعم» . فقال له: اذهب فقل له: إن اللَّه فضّلك على الأنبياء مثل ما فضل به رمضان على الشّهور، وفضّل أمتك على الأمم مثل ما فضّل يوم الجمعة على سائر الأيام، فذهب ينظر إليه فإذا هو الخضر.
كثير بن عبد اللَّه ضعّفه الأئمة، لكن جاء من غير روايته، قال أبو الحسين بن المنادي:
أخبرني أبو جعفر أحمد بن النضر العسكريّ أن محمد بن سلام المنبجي حدّثهم، وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن جابر عن محمد بن سلام المنبجي، حدثنا وضاح بن عباد الكوفي، حدثنا عاصم بن سليمان الأحوال، حدّثني أنس بن مالك، قال: خرجت ليلة أحمل مع النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم الطهور، فسمع مناديا ينادي، فقال لي: يا أنس «صه» قال فسكت فاستمع فإذا هو يقول: اللَّهمّ أعنّي على ما ينجيني مما خوفتني منه، قال: فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: «لو قال أختها معها» . فكأن الرجل لقن ما أراد النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: وارزقني شوق الصّالحين إلى ما شوّقتهم إليه، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: «يا أنس، ضع الطّهور وائت هذا المنادي فقل له: ادع لرسول
(١) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد (٥٨) وأحمد في المسند ١/ ٣٠.