للمنادمة، فرأى خراشا موثقا في القيد، فألقى عليه رداءه، فأجاره، فلما أطلق قدم على أبيه، فقال له: من أجارك؟ قال: لا أدري واللَّه.
وقال أبو الفرج الأصبهانيّ. كان أحد الفصحاء، أدرك الجاهليّة والإسلام، ومات في أيام عمر، ثم روى من طريق الأصمعيّ، قال: دخل أبو خراش الهذلي مكّة في الجاهليّة، وللوليد بن المغيرة فرسان يريد أن يرسلهما في الحلبة فقال: ما تجعل لي إن سبقتهما عدوا؟
قال: إن فعلت فهما لك، فسبقهما.
وأنشد له لما هدم خالد بن الوليد العزّى شعرا يبكيها ويرثي سادنها دبيّة السّلمي، وأنشد له شعرا قاله في زهير بن العجوة يرثيه لما قتل يوم الفتح، وقيل في حنين، وهو القائل لما قتل ابنه عروة في الجاهلية وسلم خراش الّذي تقدم ذكره:
حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا ... خراش وبعض الشّرّ أهون من بعض
ولم أدر من ألقى عليه رداءه ... ولكنّه قد سلّ عن ماجد محض
«١» الطويل وقد ذكر المبرّد في الكامل القصّة وملخّصها ما ذكر.
ويقال: إنه لا يعرف من مدح من لا يعرف غير أبي خراش.
وقال ابن الكلبيّ والأصمعيّ وغيرهما: مرّ على أبي خراش، وكان قد أسلم فحسن إسلامه، نفر من اليمن، وكانوا حجاجا فنزلوا عليه فقال: ما أمسى عندي ماء، ولكن هذه برمة وشاة وقربة، فردوا الماء فإنه غير بعيد، ثم اطبخوا الشاة، وذروا البرمة والقربة عند الماء حتى نأخذها، فامتنعوا وقالوا: لا نبرح فأخذ أبو خراش القربة، وسعى نحو الماء تحت الليل فاستقى، ثم أقبل فنهشته حية، فأقبل مسرعا حتى أعطاهم الماء، ولم يعلمهم ما أصابه فباتوا يأكلون، فلما أصبحوا وجدوه في الموت، فأقاموا حتى دفنوه، فبلغ عمر خبره فقال:
واللَّه لولا أن يكون سنّة لأمرت ألّا يضاف يماني بعدها، ثم كتب إلى عامله أن يأخذ النفر الذين نزلوا بأبي خراش فيغرمهم ديته. وأنشد له المرزبانيّ في أخيه عروة المذكور:
تقول أراه بعد عروة لاهيا ... وذلك رزء ما علمت جليل «٢»
فلا تحسبي أنّي تناسيت عهده ... ولكنّ صبري يا أميم جميل
«٣» الطويل
(١) ينظر البيتان في ديوان الهذليين ٢/ ١٥٧.
(٢) ينظر البيتان له في أشعار الهذليين: ١١٦.
(٣) سقط من أ.