بالتراث العربي، وعاش لها يبحث عن كل ما تفتقده من كتب، وفيها يطالع ما تضم، وتعن له الملاحظات فيدونها في الحواشي، ويفطن الى أن ما يقرأ يصلح لموضوع ما فيلتقطه، ويدونه في كراس يخصصه لهذا الموضوع مشفوعا بمصدره وموضعه فيه، وتعليق منه عليه في بعض الأحيان. وتنمو الملتقطات في الكراسات المتعددة يوما بعد يوم حتى تصير رسائل لطيفة أو كتبا كبيرة.
ومن هذه المدونات هذا الكتاب الذي نضعه بين يدي القارئ. التقط فيه صاحبه كل ما وقع عليه بصره مما يمت الى اللغة العامية بسبب: مفرداتها، قواعدها، أدبها.
المفردات التي استعملها العامة من معاصريه، ومن الأجيال السابقة عليهم. أما العامي المعاصر له فقد أخذه من أفواه من اتصل بهم من المصريين، وحاول ما استطاع الاستقصاء والتنويع في هذا الأخذ، فوردت في كتابه ألفاظ من جهات متفرقة من ربوع مصر المتباعدة: من دمياط في شرق الدلتا، ورشيد والاسكندرية في غربها، ومن أسوان في أقصى الصعيد، وغيرها. وأخذ عن الخدم والباعة و «البرابرة» وغيرهم من الفئات المختلفة.
وأما العامي القديم فالتقطه من بطون الكتب: ما كان منها للحن والعامية، وما لم يكن، وما اختص منها بالعامية المصرية وما تجاوزها الى غيرها من العاميات. وحاول فيه أن يبين منشأه، بأن يذكر أقدم مصدر ورد فيه اللفظ العامي. وقد أفاد ذلك الكتاب ثراء في المادة، واتساعا في مجال البحث فلا تتحدد بمصر وحدها، ونهجا تاريخيا - أو ذا مسحة تاريخية - في التناول.
ولم يقتصر على نوع معين من المفردات. فلم يعن بالعربي الأصيل ويهمل ما لم يدرك له أصلا عربيا، أو ما عرف له مصدرا غير عربي. ولم يفرق بين دخيل قديم أو حديث. وانما أتى بكل ما عرف، وأورد كل ما توصل اليه من أصول عربية وفارسية وتركية وايطالية وانجليزية وفرنسية وغيرها، معتمدا في بعض ذلك على الظن أو الترجيح أو الاشارة التي يرجو من الباحث القادر أن يحققها.
ورأى أن أيسر سبيل لترتيب هذه الألفاظ النظام الألفبائي، تخضع له الكلمة من حرفها الأول فالثاني فالثالث الى آخر الحروف، لا فرق في ذلك بين حرف أصلي ومزيد.