فيه: «عرف المصريون القهوة وشربوها في مصر قبل أن يشربوا الدخان بنحو قرن تقريبا, وكان ذلك في أيام السلطان قنصوه الغوري.
والقهوة كلمة عربية مشتقة من الإقهاء ومعناه الإقعاد لأنها تقعد عن النوم.
وأول ما ظهر البن ببلاد الحبشة ثم نقل منها إلى أرض اليمن في سنة ٦٥٦ هـ - ١٢٥٨ م. ولنرجئ الآن الكلام عن البن إلى فرصة أخرى, ونتكلم عن القهوة فقط, فنقول:
إن أول من يُنسب إليه إفشاء القهوة في أرض اليمن هو العارف بالله سيدي علي بن عمر الشاذلي. وقد كان يستعين بها على السهر لذكر الله تعالى. وكان يتخذها من قشر البن. ولذلك ترى العامة إلى وقتنا هذا يذكرون اسم سيدي الشاذلي في مجالسهم عند تناول القهوة.
أما أول من صنع القهوة من لب البن فهو الشيخ جمال الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد الذيحاني - نسبة إلى مدينة ذيحان من مدن اليمن - وهو من علماء تلك البلاد, والمشهود لهم بالولاية والفتوى, وتوفي في سنة ٨٧٥ هـ (١٤٧٠ م).
وفي أوائل القرن العاشر الهجري, جاءت الأخبار إلى مصر بأنه شاع في بلاد اليمن شراب يقال له القهوة, يستعمله مشايخ الصوفية وغيرهم للاستعانة على السهر في مجالس الأذكار التي يذكرون فيها الله تعالى.
وبعد ذلك بقليل, انتقل شراب القهوة من اليمن إلى بلاد الحجاز بواسطة الحجاج اليمنيين. وكانت السادة الصوفية تشربها في المسجد الحرام نفسه.
وفي سنة ٩١٠ هـ (١٥٠٤ م) في أيام حكم السلطان قنصوه الغوري لمصر, ظهرت القهوة في المسجد الأزهر الشريف بواسطة