«فما انتُزع بالماء فهو حلال, وما انتزع بغير الماء فهو حرام». قال ابن قتيبة: وقال آخرون: هو خمر حرام كله. وهذا هو القول عندي, لأن تحريم الخمر نزل وجمهور الناس مختلفة, وكلها يقع عليها هذا الاسم في ذلك الوقت.
وذكر أن أبا موسى قال: خمر المدينة من البُسر والتمَّر, وخمر أهل فارس من العنب, وخمر أهل اليمن من البِتْع وهو نبيد العسل, وخمر الحبشة السَّكُرْكَة وهي من الذرة, وخمر التمر يقال له: البِتْع والفَضيخ.
وذكر أن عمر قال: الخمر من خمسة أشياء: من البُر والشعير والتمر والزبيب والعسل. والخمر ما خامر العقل. ولأهل اليمن أيضا شراب من الشعير يقال له: المِزْر. وزعم ها هنا أبن قتيبة أن هذه الأشربة كلها خمر. وقال: هذا هو القول عندي, وقد تقدم له في صدر الكتاب أن النبيذ لا يسمى نبيذا حتى يشتد ويسكر كثيره, كما أنّ عصير العنب لا يسمى خمراً حتى يشتد. وأن صدر هذه الأمة والأئمة في الدين لم يختلفوا في شيء كاختلافهم في النبيذ وكيفيته, ثم قال فيما حكم به بين الفريقين: إن الذين ذهبوا إلى تحريمه كله ولم يفرقوا بين الخمر وبين نبيذ التمر وبين ما طُبخ وبين ما نقع, فإنهم غلوا في القول جدا, ونحلوا قوما من أصحاب رسول الله عليه وسلم البدَريّين وقوما من خيار التابعين, وأئمة من السلف المتقدمين شرب الخمر وزيّنوا ذلك بأن قالوا: شربوها على التأويل. وغلطوا في ذلك فاتهموا القوم ولم يتهموا نظرهم, ونحلوهم الخطأ