بقتالهم، حتى فعلوا في العباد والبلاد ما لم يجر في دولة الإسلام مثله، وذلك تصديق قوله صلى الله عليه وسلم: «لتركبن سنن من كان قبلكم» (١) كما تقدم.

وكان المسلمون على عهد نبيهم، وبعده، لا يعرفون وقت الحرب إلا السكينة وذكر (٢) الله سبحانه، قال قيس بن عباد: (٣) - وهو من كبار التابعين (٤) -: " كانوا يستحبون خفض الصوت: عند الذكر، وعند القتال، وعند الجنائز " (٥) .

وكذلك سائر الآثار تقتضي أنهم كانت عليهم السكينة، في هذه المواطن، مع امتلاء القلوب بذكر الله، وإجلاله وإكرامه. كما أن حالهم في الصلاة كذلك.

وكان رفع الصوت في هذه المواطن الثلاثة (٦) من عادة أهل الكتاب والأعاجم، ثم قد ابتلى بها كثير من هذه الأمة. وليس هذا موضع استقصاء ذلك.

(١) مر الحديث وتخريجه (ص ١٦٩) . انظر: فهرس الأحاديث.
(٢) في (ب) : وذكر اسم الله تعالى.
(٣) في المطبوعة: بن عبادة، وهو وهم، فالصحيح بن عباد.
(٤) هو: قيس بن عباد الضبعي، البصري، أبو عبد الله، قال ابن حجر: " ثقة، من الثانية، مخضرم، مات بعد الثمانين، ووهم من عده من الصحابة " روى له البخاري ومسلم وغيرهما، مات بعد الثمانين هجرية.
انظر: تقريب التهذيب (٢ / ١٢٩) ، (ت ١٥٢) ق.
(٥) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجنائز، باب كراهية رفع الصوت في الجنائز (٤ / ٧٤) . وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الجنائز، باب في رفع الصوت (٤ / ٢٧٤) . وانظر: مصنف عبد الرزاق (٤ / ٤٥٣) .
(٦) في (أط) : الثلاث.