ومنْهُ حديثُ عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ: أنَّ وَفْدَ البَصْرَةِ أتَوْهُ وقدْ تَفَشَّغُوا فقالَ: مَا هذهِ الهَيْئَةُ فقالُوا: تَرَكْنَا الثِّيَابَ فِي العِيَابِ، وجِئْناكَ، قالَ: الْبَسُوا وأمِيطُوا الخُيَلاءَ قالَ شَمِرٌ: أَي لَبِسُوا أخْشَنَ ثِيابِهِمْ، ولمْ يَتَهَيَّؤا للِقائِهِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الفائِقِ: أَنا لَا آمَنُ أنْ يَكُونَ مُصَحَّفاً منْ تَقَشَّفُوا، والتَّقَشُّفُ: أَن لَا يتعَاهَدَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ، قالَ: فإنْ صَحَّ مَا رَوَوْهُ فَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أنَّهُم لَمْ يَحْتَفِلُوا فِي المَلابِسِ، وتَثَاقَلُوا فِي ذلكَ، لمَا عَرَفُوا منْ خُشُونةِ عمَر رَضِي الله عَنهُ.
وتَفَشَّغَ فيهِ الشَّيْبُ أَو الدَّمُ: انْتَشَرَ وكَثُرَ، فِيهِ لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ، فالانْتِشَارُ للشَّيْبِ، والكَثْرَةُ للدَّمِ، يُقَالُ: تَفَشَّغَ فيهِ الدَّمُ، أَي: غَلَبَهُ وتَمَشَّى فِي بَدَنِه، ومنهُ قَوْلُ طُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ:
(وقَدْ سَمِنتْ حَتَّى كأنَّ مَخاضَها ... تَفَشَّغَهَا ظَلْعٌ ولَيْسَتْ بظُلَّعِ)
وتَفَشَّغَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ: دَخَلَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا ووقَعَ عليهَا، وافْتَرَعَهَا.
وحكَى ابنُ كَيْسانَ: تَفَشَّغَ الرَّجُلُ البُيُوتَ: دَخَلَ بيْنَهَا، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وقيلَ: إِذا غابَ فِيهَا ولمْ تَرَهُ.
وتَفَشَّغَ الدَّيْنُ فُلاناً: عَلاهُ ورَكِبَهُ، وكذلكَ الجَمَلُ النّاقَةَ.
والمُفاشَغَةُ: أنْ يُجَرَّ وَلَدُ النّاقَةِ ويُنْحَرَ، وتُعْطَفَ على وَلَدٍ آخَرَ يُجَرُّ إليْهَا، فيُلْقَى تَحْتَهَا، فتَرْأمُه، تَقُولُ: فاشَغَ بَيْنَهُمَا، وقدْ فُوشِغَ بِهَا قالَ الحارِثُ بنُ حِلِّزَةَ:
(بَطَلاً يُجَرِّرُهُ وَلَا يَرْثِي لَهُ ... جَرَّ المُفَاشِغِ هَمَّ بالإرْآمِ)
كَذَا فِي التَّهْذِيبِ، والّذِي فِي المُحْكَمِ: فاشَغَ النّاقَةَ: إِذا أرادَ أنْ