قَالَ عليُّ بنُ الإِسْرَاج: كَانَ فِي جِوَارِي جَارٌ يُتَّهَمُ بالتَّشَيُّعِ، وَمَا بانَ ذَلِك مِنْهُ فِي حالٍ من الحالاتِ إِلا فِي هِجاءٍ امرأَتِهِ، فإِنه قَالَ فِي تَطْلِيقها:
مَا كُنْتِ من شَكْلِي وَلَا كُنْتُ منْ
شَكْلِكِ يَا طَالِقَةُ الْبَتَّهْ
غَلظْتُ فِي أَمْرِكِ أُغْلُوطَةً
فأَذْكَرَتْنِي بَيْعَة الفَلْتَهْ
(وأَفْلَتَنِي الشَّيْءُ وَتَفَلَّتَ مِنِّي) .
وأَفْلَتَ الشَّيْءُ و (انْفَلَتَ) بمَعْنًى واحدٍ.
(وأَفْلَتَهُ غَيْرُه) : خَلَّصَهُ، وَفِي الحَدِيثِ (تَدَارَسُوا القُرْآنَ فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتاً من الإِبِلِ من عُقُلِها) التَّفَلُّتُ والانْفِلاتُ والإِفْلاتُ: التَّخَلُّصُ من الشَّيْءٍ فَجْأَةً مِنْ غَيْر تَمَكُّث، وَفِي الحديثِ (أَنَّ رَجُلاً شَرِبَ خَمْراً فَسَكِرَ فَانْطُلِقَ بِهِ إِلى النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلمّا حَاذَى دارَ العبَّاسِ انْفَلَتَ، فدَخَلَ عَلَيْهِ، فَذَكَرَ ذالِك لَهُ، فضَحِكَ، وقَالَ: أَفَعلَهَا؟ وَلم يَأْمُرْ فِيهِ بشَيْءٍ وَفِي حَدِيث آخر (فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ وأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ من يَدي) أَي تَتَفَلَّتُونَ، فحُذِفت إِحدى التَّاءَين تخْفِيفاً.
وَيُقَال: أَفْلَتَ فلانٌ جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ يُضْرَبُ مَثَلاً للرَّجُلِ يُشْرِفُ على هَلَكَةٍ ثمَّ يُفْلِتُ، كَأَنَّهُ جَرَعَ الموْتَ جَرْعاً ثمَّ أَفْلَتَ مِنْه.
والإِفْلاتُ يكونُ بِمَعْنَى الانْفِلاتِ لازِماً، وَقد يكون واقِعاً، يُقَال: أَفْلَتُّهُ من الهَلَكَةِ، أَي خَلَّصْتُه، وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيتِ:
وأَفْلَتَنِي مِنْهَا حِمَارهي وجُبَّتِي
جَزَى الله خَيْراً جُبَّتِي وحِمَارِيَا
وَعَن أَبي زَيْد: من أَمثَالِهِمْ فِي إِفْلاتِ الجَبانِ، (أَفْلَتَنِي جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ) إِذا كَانَ قَرِيباً كقُرْبِ الجُرْعَةِ من