كالأقلام، أَي لَا يقنع بمجرّد ضبط الْقَلَم، أَي وضع الحرَكة على الْحَرْف، لِأَن ذَلِك عُرْضة للترك والتحريف، وَهَذَا من كَمَال الاعتناء، ووشّحه توشيحاً: ألبسهُ الوِشاح على عَاتِقه، مُخَالفا بَين طَرَفيه، وَيَأْتِي تَمَامه، والفقرة فِيهَا الِالْتِزَام والجناس المحرّف اللَّاحِق (مكتفياً بِكِتَابَة) هَذِه الأحرف الَّتِي اخترعها واقتطعها من الْكَلِمَات الَّتِي جعلهَا أعلاماً لَهَا فِي اصْطِلَاحه، وَهِي (ع د ة ج م) وَهِي خَمْسَة (عَن قولي: مَوضِع، وبلد، وقرية، وَالْجمع، ومعروف) فالعين وَالدَّال وَالْهَاء من آخر الْكَلِمَات، وَالْجِيم وَالْمِيم من أوائلها، لِئَلَّا يحصل الِاخْتِلَاط، وَفِيه لفّ وَنشر مرتّب (فتلخَّص) أَي تبين الْكتاب واتضح (وكُلُّ غَثٍّ) وَهُوَ اللَّحْم المهزول، وَمن الحَدِيث: الْفَاسِد (إِن شَاءَ الله تَعَالَى) جَاءَ بهَا تبركا (عَنهُ) أَي الْكتاب (مَصروف) أَي مَدْفُوع عَنهُ، وَقدمه اهتماماً ومناسبة للفقرة، وفيهَا الِالْتِزَام، قَالَ شَيخنَا، وَضَابِط هَذِه جُمُعَة المصنّف بِنَفسِهِ فِي بَيْتَيْنِ، نقلهما عَنهُ غير وَاحِد من أَصْحَابه وهما:
(وَمَا فِيه مِنْ رَمْزٍ فخمسَةُ أَحْرُفٍ ... فمِيمٌ لمعْرُوفٍ وعَيْنٌ لموضِعِ)
(وجِيمٌ لجَمْعٍ ثمَّ هَاءٌ لقَرْيَةٍ ... وللبَلَد الدَّالُ الَّتِي أُهْملَتْ فَعِي)
وَفِي أزهار الرياض للمقّرِيّ.
(وَمَا فيهِ مِنْ رَمْزٍ بحرْفٍ فخمْسَةٌ ... )
ونسبهما لعبد الرَّحْمَن بن معمر الوَاسِطِيّ: وَقد ذيَّل عَلَيْهِمَا أَحدُ الشُّعَرَاء فَقَالَ:
(وفِي آخرِ الأبْوَابِ وَاوٌ وياؤهَا ... إشارةُ وَاوِيٍّ ويَائِيّها اسْمَعِ)
واستدرك بَعضهم أَيْضا فَقَالَ:
(وَمَا جاءَ فِي القَاموس رَمْزًا فسِتَّةٌ ... لموضِعهم عَيْنٌ ومعْرُوفٍ الميمُ)
(وجَجٌّ لجمْع الجَمْع دَالٌ لبَلْدةٍ ... وقَرْيتُهُمْ هاءٌ وجمْعٌ لَهُ الجِيمُ)
وَنقل شَيخنَا عَن شُيُوخه مَا نَصه: وَوجد بِهَامِش نسخةِ المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى بخطّه لنَفسِهِ:
(إِذا رُمْت فِي الْقَامُوس كَشْفاً لِلَفْظَةٍ ... فَآخِرُها لِلْباب والبَدْءُ لِلْفَصْل)