وَأَمَّا الْأَصْلُ الثَّالِثُ فَالصُّبْرَةُ مِنَ الْحِجَارَةِ: مَا اشْتَدَّ وَغَلُظَ، وَالْجَمْعُ: صِبَارٌ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ دُرَيْدٍ: " الصُّبَارَةُ: قِطْعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ حَجَرٍ " فِي قَوْلِ الْأَعْشَى:
مَنْ مُبْلِغٍ عَمْرًا بِأَنَّ الْ ... مَرْءَ لَمْ يُخْلَقْ صُبَارَهُ.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَرَوَى الْبَغْدَادِيُّونَ: " صَبَارَهْ "، وَمَا أَدْرِي مَا أَرَادُوا بِهَذَا.
قُلْنَا: وَالَّذِي أَرَادَهُ الْبَغْدَادِيُّونَ مَا رُوِيَ أَنَّ الصِّبَارَ مَا اشْتَدَّ وَغَلُظَ. وَهُوَ فِي قَوْلِ الْأَعْشَى:
قُبَيْلَ الصُّبْحِ أَصْوَاتُ الصِّبَارِ
فَالَّذِي أَرَادَهُ الْبَغْدَادِيُّونَ هَذَا، وَتَكُونُ الْهَاءُ دَاخِلَةً عَلَيْهِ لِلْجَمْعِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الصُّبْرُ: الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا حَصْبَاءُ وَلَيْسَتْ بِغَلِيظَةٍ، وَمِنْهُ قِيلٌ لِلْحَرَّةِ: أُمُّ صَبَّارٍ.
وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْعَرَبِ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي أُمِّ صَبُّورٍ، إِذَا وَقَعُوا فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ.
(صَبَعَ) الصَّادُ وَالْبَاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ، فَالْأَصْلُ إِصْبَعُ الْإِنْسَانِ، وَاحِدَةُ أَصَابِعِهِ. قَالُوا: هِيَ مُؤَنَّثَةٌ. وَقَالُوا: قَدْ يُذَكَّرُ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «هَلْ أَنْتَ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ