الْآيَاتُ الَّتِي مَنْ قَرَأَهَا لَمْ يُصِبْهُ فَزَعٌ. وَكَأَنَّهَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَقْرَعُ الْجِنَّ: وَالشَّارِبُ يَقْرَعُ بِالْإِنَاءِ جَبْهَتَهُ، إِذَا اشْتَفَّ مَا فِيهِ. وَيُقَالُ أَقْرَعَ الدَّابَّةَ بِلِجَامِهِ، إِذَا كَبَحَهُ.
وَمِنَ الْبَابِ: قَوْلُهُمْ: رَجُلٌ قَرِعٌ، إِذَا كَانَ يَقْبَلُ مَشُورَةَ الْمُشِيرِ. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ قُرِعَ بِكَلَامٍ فِي ذَلِكَ فَقَبِلَهُ. فَإِنْ كَانَ لَا يَقْبَلُهَا قِيلَ: فُلَانٌ لَا يُقْرَعُ. وَيَقُولُونَ: أَقْرَعْتُ إِلَى الْحَقِّ إِقْرَاعًا: رَجَعْتُ.
وَمِنَ الْبَابِ الْقَرِيعُ، وَهُوَ السَّيِّدُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْأُمُورِ، فَكَأَنَّهُ يَقْرَعُ بِكَثْرَةِ مَا يُسْأَلُ وَيُسْتَعَانُ بِهِ فِيهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ يُسَمُّونَهُ مَقْرُوعًا أَيْضًا.
ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى هَذَا وَيُسْتَعَارُ، فَقَالُوا: أَقْرَعَ فُلَانٌ فُلَانًا: أَعْطَاهُ خَيْرَ مَالِهِ.
وَخِيَارُ الْمَالِ: قُرْعَتُهُ، وَسُمِّيَ لِأَنَّهُ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي النَّوَائِبِ كَمَا قُلْنَاهُ فِي الْقَرِيعِ.
وَمِمَّا اتَّسَعُوا فِيهِ وَالْأَصْلُ مَا ذَكَرْنَاهُ: الْقَرِيعَةُ، وَهُوَ خَيْرُ بَيْتٍ فِي الرَّبْعِ، إِنْ كَانَ بَرْدٌ فَخِيَارُ كِنِّهِ، وَإِنْ كَانَ حَرٌّ فَخِيَارُ ظِلِّهِ. وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ الْقَرَعُ، وَفَصِيلٌ مُقَرَّعٌ. قَالَ أَوْسٌ:
لَدَى كُلِّ أُخْدُودٍ يُغَادِرْنَ دَارِعًا ... يُجَرُّ كَمَا جُرَّ الْفَصِيلُ الْمُقَرَّعُ
وَالْقَرَعُ أَيْضًا: ذَهَابُ الشَّعَْرِ مِنَ الرَّأْسِ.
(قَرَفَ) الْقَافُ وَالرَّاءُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مُخَالَطَةِ الشَّيْءِ