فَلَسْتَ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لَا تَلُمُّهُ ... عَلَى شَعَثٍ أَيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ
وَيَقُولُ الْعَرَبُ: هُوَ يَبْقِي الشَّيْءَ بِبَصَرِهِ: إِذَا كَانَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَرْصُدُهُ. قَالَ الْكُمَيْتُ:
ظَلَّتْ وَظَلَّ عَذُوبًا فَوْقَ رَابِيَةٍ ... تَبْقِيهِ بِالْأَعْيُنِ الْمَحْرُومَةِ الْعُذُبِ
يَصِفُ الْحِمَارَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَرِدَ بِأُتُنِهِ فَوْقَ رَابِيَةٍ، وَانْتَظَرَ غُرُوبَ الشَّمْسِ. وَكَذَلِكَ بَاتَ فُلَانٌ يَبْقِي الْبَرْقَ: إِذَا صَارَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ أَيْنَ يَلْمَعُ. قَالَ الْفَزَارِيُّ:
قَدْ هَاجَنِي اللَّيْلَةَ بَرْقٌ لَامِعٌ ... فَبِتُّ أَبْقِيهِ وَطَرْفِي هَامِعُ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: بَقَيْتُ فُلَانًا أَبْقِيهِ: إِذَا رَعَيْتَهُ وَانْتَظَرْتَهُ. وَيُقَالُ: ابْقِ لِيَ الْأَذَانَ، أَيِ ارْقُبْهُ لِي. وَأَنْشَدَ:
فَمَا زِلْتُ أَبْقِي الظُّعْنَ حَتَّى كَأَنَّهَا ... أَوَاقِي سَدًى تَغْتَالُهُنَّ الْحَوَائِكُ
وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «بَقَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ» ، يُرِيدُ انْتَظَرْنَاهُ. وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ; لِأَنَّ الِانْتِظَارَ بَعْضُ الثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ.
( بَقَرَ) الْبَاءُ وَالْقَافُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ، وَرُبَّمَا جَمَعَ نَاسٌ بَيْنَهُمَا وَزَعَمُوا أَنَّهُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَذَلِكَ الْبَقْرُ. وَالْأَصْلُ الثَّانِي التَّوَسُّعُ فِي الشَّيْءِ وَفَتْحُ الشَّيْءِ.